المقامة بين القصة الحديثة وأخبار القدماء:
ذهب "محمد كرد" إلى أن المقامة لا تشبه فن القصة الذي وضع معالمه الغربيون، ولا تشبه أيضًا الأخبار التي ألّفها القدماء كـ"الصولي"، و"أبي حيان التوحيدي". فالمقامة عنده (نمط يكاد يكون جديدًا، وكأنه يراها فنًّا قائمًا بذاته).
وأما "أحمد أمين" و"زكي نجيب محمود" فإنهما يريان أن خصائص (الرواية من حيث التشخيص والحوار، ونقد الحياة وشرف الموضوع) لم ترد في المقامة.
الخلو من من أهم مميزات القصة:
وإذا قيست هذه العناصر بمقاييس الرواية والقصة في المفهوم الحديث فلن تبلغ المقامة منزلة رفيعة في الفن القصصي.
وهو الأمر الذي دعا "السباعي بيومي" إلى القـول بأن المقامة غير جديرة باسم القصص الاصطلاحي، كما نفى عنها "محمود تيمور" (أي قيمة قصصية، وإن كانت وضعت في القالب القصصي لأنها خلت من أهم مميزات القصة وهو الحادثة أو العقدة؛ كذلك خلت من الشخصيات الروائية الممتازة، وتحليل نفسياتها ودرس أخلاقها).
ويلاحظ أن هذه الأقوال لم تستند على أدلة تؤيّد هذه الأحكام.
الموزنة بين المقامة والقصة الحديثة:
ولذلك فقد حاول "موسى سليمان" أن يوازن بين المقامة والقصة الحديثة، وتوصّل إلى النتيجة الآتية قائلاً: (وتتوافر في القصة الكاملة عناصر فنية وأدبية لا يمكن للقصة أن تكون قصة بدونها، هي ما يسميه النقاد بالحركة الفنية، والذروة (أي الأزمة التي يخلفها تشابك الحوادث في القصة) وعنصر التشويق، والحبكة والحوار والهدف الذي تستهدفه القصة مما لا نراه أو نرى شيئًا مثيلاً لَه في أي مقامة من المقامات).
قصة على طريقة القدماء:
أما الفريق الآخر الذي اعتبر المقامات قصة فيأتي في مقدمته "مارون عبود" الذي أكّد أن المقامة قصة، ولكنها قصة على طريقة القدماء.
ولذلك فإنه يدعو الباحثين إلى أن يبحثوا عن مقومات القصة بالمفهوم الحديث في المقامات.
فيقول بشيء من الدعابة: (بقي علينا أن نقول كلمة أخيرة، وهي جواب عن هذا السؤال الذي كثيرًا ما يرد: هل المقامة قصة ؟ نعم يا سيدي، إنها قصة، والفرق بينها وبين قصص اليوم كالفرق بين هندامك أنت وهندام جدك، رحمه الله، ورحمني معه).
التسميات
فن المقامة