الجهات القضائية التي يعهد إليها برقابة الدستورية.. أسلوب مركزية أو لا مركزية الرقابة. المحكمة العليا في النظام القضائي العادي. محكمة النقض أو التمييز

أسلوب لا مركزية الرقابة:
تذهب دساتير بعض الدول التي تتبنى فكرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين إلى إعطاء الحق لكل أنواع المحاكم في القيام بهذا النوع من الرقابة، بحيث تستطيع أي محكمة في السلم القضائي مهما كانت درجتها أن تنظر في دستورية القوانين.

ومن أمثلة ذلك النظام الدستوري الأمريكي، فلا تختص المحكمة العليا في هذا النظام  كما يتوهم الكثيرون  بنظر الطعن في دستورية القوانين، وإنما تملك هذه السلطة في الولايات المتحدة جميع الجهات القضائية على اختلاف درجاتها سواء في الولايات المختلفة أو في الحكومة المركزية؛ ومرد ذلك أن هذه المحاكم لا ترى في الرقابة إلا جزءاً طبيعياً من وظيفتها الأصلية في نظر خصومات الأفراد ومنازعاتهم.

وإذا كان من المسلم به أن جميع المحاكم في الولايات المتحدة وعلى اختلاف درجاتها تملك النظر في دستورية القوانين ، فإن الفارق بين دور كل منها في ممارسة هذه الرقابة فارق جوهري يستحق التنويه.

فأما في الولايات فالمحاكم العليا هي صاحبة القول الفصل في هذه المشكلة، وقلّ أن تساهم المحاكم الدنيا مساهمة فعالة في ذلك، أما حيث يتصل الأمر بدستورية القوانين الاتحادية، أو بدستورية قوانين الولايات من ناحية صلتها بالدستور والقوانين الاتحادية، فإن القضاء الاتحادي وعلى رأسه المحكمة العليا هو صاحب الكلمة النهائية في هذه الرقابة.

أسلوب مركزية الرقابة:
ويقوم هذا الأسلوب على قصر الادعاء بعدم الدستورية أمام جهة قضائية واحدة، بحيث لا يجوز لغير هذه الجهة أن تتصدى لبحث هذه المشكلة، كما لا يجوز لمن يمنحهم الدستور حق الطعن بعدم الدستورية الادعاء بعدم مطابقة القانون العادي للدستور سوى أمام هذه الجهة.

وتختلف الدساتير التي تأخذ بهذا الأسلوب في تحديد الجهة الموحدة التي يعهد إليها بالرقابة على دستورية القوانين، ويمكن حصر مسلك الدساتير المختلفة في اتجاهين رئيسيين:

- أولاً: أسندت دساتير بعض الدول مهمة الفصل في مدى مطابقة القانون العادي لأحكام الدستور إلى المحكمة العليا في النظام القضائي العادي (محكمة النقض أو التمييز مثلاً)، بحيث تقوم هذه المحكمة برقابة الدستورية إلى جانب اختصاصاتها القضائية الأخرى.

وتعد سويسرا من أبرز الدول التي أخذت بهذه الطريقة، حيث جعل دستور الاتحاد السويسري لسنة 1874 للمحكمة الاتحادية العليا وحدها وبناء على طلب ذوي الشأن الحق في أن تمتنع عن تطبيق القوانين لمخالفتها للدستور الاتحادي أو لدساتير الولايات المختلفة، وهي تباشر ذلك الاختصاص إلى جانب ولايتها القضائية في المسائل المدنية والجنائية.

- ثانياً: على أن أغلب دساتير الدول التي أخذت بأسلوب مركزية الرقابة قد جعلت الاختصاص برقابة الدستورية موكولاً إلى محكمة خاصة يتم إنشاؤها لهذا الغرض.

ومن هذه الدساتير على سبيل المثال: دستور جمهورية مصر العربية الحالي لسنة 1971، ودستور الجمهورية العربية السورية الحالي لسنة 1973.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال