يفترض العرف الدستوري المُكَمِّل وجود قصور أو نقص في الأحكام الواردة في الوثيقة الدستورية، وذلك بسكوت الدستور عن تنظيم موضوع معين من الموضوعات الدستورية، فيتدخل العرف وينشئ حكماً جديداً يسدّ به أوجه النقص أو الفراغ الذي تركه المشرع الدستوري.
وعلى هذا النحو يختلف «العرف الدستوري المكمِّل» عن «العرف الدستوري المفسِّر»: فإذا كان العرف المفسِّر يقتصر على تفسير ما غَمُضَ من نصوص الدستور وأحكامه، أي أنه يستند على نصوص دستورية قائمة يفسِّرها ويوضِّح ما يشوبها من غموض وإبهام، فإنَّ العرف المُكَمِّل على خلاف ذلك ينشئ حكماً جديداً يكمِّل به النقص الذي اعترى الدستور، فهو يعالج موضوعاً معيناً يتصل بنظام الحكم في الدولة أغفل المشرع الدستوري تنظيمه، ومن ثم فإنه لا يستند إلى نص قائم أو موجود في صلب الوثيقة الدستورية.
ومن الأمثلة التقليدية التي تُضرب في هذا المجال للإشارة إلى العرف المُكَمِّل، عدم نص الدستور الفرنسي الصادر عام 1875 على الطريقة التي يتم بها عقد القرض العام، في حين أن الدساتير السابقة عليه ومن أهمها الدستور الفرنسي الصادر عام 1815 قد نصَّت على أنَّ «القرض العام لا يُعقد إلا إذا صدر قانون يأذن به».
ومن ثمَّ جرى العمل في ظل دستور 1875 على أنَّ ثمة قاعدة عرفية تكمِّل النقص الدستوري في هذا الخصوص مفادها «عدم جواز عقد القرض العام إلا بناءً على قانونٍ يُصرِّح بذلك».
ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى المادة /124/ من القانون الأساسي العراقي الصادر عام 1925، حيث نصت على أن: {التقاليد الدستورية التي لم يرد نص بشأنها في هذا القانون، ولا يوجد نص يمنع الأخذ بها، وكانت متبعة في الدول الدستورية، يجوز الأخذ بها وتطبيقها كقاعدة دستورية بقرار مجلس الأمة في جلسة مشتركة}.
وهذا النص كما يبدو يُقرُّ بدور العرف في تكملة النصوص الدستورية، وقد نشأت في ظل الحياة الدستورية العراقية ابتداءً من عام 1921 قاعدة دستورية ذات طبيعة عرفية تقضي بـ "استقالة الوزارة عند انتقال العرش نتيجة وفاة الملك أو ممارسته لسلطاته الدستورية نتيجة بلوغه سن الرشد" بعد تطبيقات متتابعة ومطردة لهذه القاعدة الدستورية.
فالوزارة كانت تستقيل كلما انتقل العرش في العراق نتيجة الوفاة أو تسلُّم السلطة وممارستها بصورة فعلية.
فقد استقالت وزارة رشيد عالي الكيلاني بعد وفاة الملك فيصل الأول وتولي الملك غازي وانتقال العرش عام 1933.
كما استقالت وزارة نوري السعيد عند وفاة الملك غازي وانتقال العرش إلى الملك فيصل الثاني عام 1939.
واستقالت وزارة جميل المدفعي عند انتهاء فترة الوصاية على العرش وتولي الملك فيصل الثاني لسلطاته الدستورية بعد بلوغه سن الرشد عام 1953.
إن هذه الممارسة قد قادت كما أشرنا إلى ظهور قاعدة عرفية ذات طبيعة دستورية بمضمون حسب لصالح الملك وبهدف منحه الفرصة لاختيار رئيس الوزراء وهو يتولى سلطاته الدستورية بصورة فعلية.
التسميات
قانون دستوري