القيمة الإثباتية للشهادة الطبية.. الترجيح بين الشهادة الطبية ومحررات العدول والموثقين في إثبات الحالة الصحية للمتعاقد وقبول هذه الشهادة كوسيلة إثبات في دعاوى نفي النسب

إذا كان نظام الإثبات الجنائي المغربي يتميز بوحدة مصدره وبعدم تقييد وسائله، فإن نظام الإثبات المدني يتميز على العكس من ذلك بازدواجية مصادره من جهة أولى، إذ تطبق إلى جانب القواعد المنصوص عليها في ظهير الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية قواعد أخرى مستمدة من مصنفات الفقه الإسلامي، كما يتميز من جهة ثانية في شقه التشريعي بحصر الأدلة التي يجوز استخدامها للإثبات أمام القضاء.

لذلك يكون ضروريا لأجل منح قوة إثباتية للشهادة الطبية أمام القضاء المدني ان نحاول البحث لها عن أساس ضمن وسائل الإثبات التي يقررها التشريع، وهي نفس المحاولة التي سنقوم بها بالنسبة للفقه الإسلامي.

لكن ذلك لا يعني منح هذه الشهادة قوة إثباتية بالنسبة لكافة الوقائع وفي كل الأوقات، وإنما فقط في نطاق معين سواء من حيث الموضوع أو من حيث الزمن.

وبالطبع فإن الحديث عن قيمة إثباتية للشهادة الطبية يحيل بالضرورة على موقف القضاء منها، وهو موقف يطرح أكثر من تساؤل، خصوصا متى تعلق الأمر بإشكالية الترجيح بين الشهادة الطبية ومحررات العدول والموثقين في إثبات الحالة الصحية للمتعاقد، وإشكالية قبول هذه الشهادة كوسيلة إثبات في دعاوى نفي النسب.

وعليه فإننا سنحاول في مبحث أول تحديد أساس القيمة الإثباتية للشهادة الطبية ونطاقها، قبل أن نعمل في المبحث الثاني على بيان ومناقشة موقف القضاء منها.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال