تعتبر الورقة الرسمية حجة قاطعة في الإثبات إلى أن يطعن فيها بالزور، بالنسبة لما دون فيها من بيانات تتعلق بالأمور التي قام بها محرر الورقة أو التي وقعت من ذوي الشأن في حضوره، غير أنه حتى تثبت لهذه البيانات هذه الحجية فلابد أن تكون في حدود مهمته.
لذلك فإننا نستطيع أن نستنتج بسهولة أنه لا تثبت الحجية بالنسبة للشهادات الطبية الصادرة عن أطباء القطاع العام بوصفها أوراقا رسمية، إلا بالنسبة للوقائع ذات الطابع الطبي التي تتضمنها، على اعتبار أنها وحدها التي تدخل في إطار مهمة الطبيب الذي حررها.
وأعتقد أن نفس الاستنتاج ينطبق أيضا على الشهادات الصادرة عن أطباء القطاع الخاص، رغم أنها لا تتمتع بالصفة الرسمية، بالنظر إلى أن هذه الشهادات إنما تستمد قوتها الإثباتية من صفة محررها، أي من اختصاصه كطبيب، وبالتالي لا ينبغي أن تستفيد من هذه القوة بيانات غير نابعة من هذه الصفة.
إن الخبير نفسه يمنع عليه، حسب التعديل الأخير للفصل التاسع والخميسن من قانون المسطرة المدنية، أن يجيب على أي سؤال يخرج عن اختصاصه الفني وله علاقة بالقانون، بحيث يقتصر دوره على تقديم أجوبة محددة وواضحة على كل واحد من الأسئلة الفنية، ولعل من الممكن نقل نفس المقتضى إلى مجال الشهادة الطبية.
لذلك فقد أكد الدكتور "رينيي" على ضرورة حصر الطبيب لهذه الشهادة في دورها الطبي الخالص وعدم تضمينها أي توضيحات أو ملاحظات غير طبية. وهذا يعني أنه يتعين عليه أن لا يقبل تصريحات المعني بالأمر إلا بتحفظ، إذ أنه إذا كان بإمكانه سرد أقوال هذا الأخير، فلا ينبغي له أن يشهد بها.
وما دام القاضي لا يلزم بالأخذ برأي الخبير المعين من لدنه، بحيث يبقى له الحق في تعيين أي خبير آخر من أجل استيضاح الجوانب التقنية في النزاع، فإنه يكون من باب الأولى أن لا يكون ملزما بالأخذ بالشهادة الطبية حتى بالنسبة للوقائع ذات الطابع الطبي، خصوصا وأن المجلس الأعلى قد اعتبر تقرير الخبرة في قرار صادر عنه بتاريخ 10 مارس 1999 عنصرا من عناصر الإثبات التي تخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع.
التسميات
آثار الشهادة الطبية