من الصعب على أي باحث أن يتصور علاقة بريطانيا بالكويت وكأنها علاقة بين دولتين.
فالكويت لا يمكن وصفها بدولة قياساً على المتعارف عليه من كلمة دولة فهي لم تكن إلا بلدة حتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين، فكيف بنا ونحن نتحدث عن أوائل القرن التاسع عشر.
وعلى ذلك فإن الكويت في نظر بريطانيا - وفي حقيقة الأمر وواقعه - لا تشكل سوى واحدة من مشيخات عدة تطل على الخليج الفارسي - العربي.
وهي بهذا المعنى لا تستطيع أن ترسم سياسة مستقلة لنفسها أو وضعاً سياسياً قائماً بذاته. وهي لهذا السبب كانت ومنذ البداية، تمثل نقطة في محيط من العوامل التي تؤثر في المنطقة.
وقد أدرك حكامها - أو بالأحرى حاكمها (شيخها)-، منذ سمع الناس بها، إن وجودها ووجوده مرهونان بتوازنات القوى الأكبر المحيطة بها.
وهي كلها بمقاييس المساحة وعدد السكان والقيمة الدولية أكبر من الكويت بكثير.. فإلى الشمال كانت العراق أو الدولة العثمانية صاحبة الإمبراطورية الواسعة، وأمامها شرقاً على الساحل المقابل فارس وما لها من تطلعات نحو التوسع وبسط النفوذ وإعادة تاريخها القديم.
وخلفها غرباً الجزيرة العربية بقبائلها الكبيرة الكثيرة العدد، وبالدعوات الدينية الأصولية التي مثلتها الدعوة الوهابية.
وجنوبها دول - مشيخات - أكبر منها تتمثل في مسقط وعمان.
ثم تأتي القوى الأجنبية من بريطانية وفرنسية.
وعلى هذا، فإن ما كان يصيب الكويت من خير أو شر، لم تكن هي المقصودة به لذاتها، ولكنها كانت ممراً لكل هؤلاء وساحة صراع بينهم، يمرون بها دون أن يحسبوا لها حساباً سواء كانت في مركز الصديق أو العدو.
ومن أجل ذلك فإن علاقتها معهم كانت متقلبة وغير مستقرة.
ومن ذلك علاقتها ببريطانيا وهي الدولة العظمى التي لم يكن من المعقول أن تستمر في علاقتها مع الكويت - أو حتى مع غيرها - بخط مستقيم تحكمه الصداقة أو العداوة.
فدولة مثل بريطانيا، التي لها مصالح كبرى تكاد تشمل العالم كله، لم يكن من الطبيعي أن تجعلها في خدمة (صداقة) تقوم بينها وبين بلدة وميناء صغير يطل على الخليج العربي كالكويت.
كذلك فإن دولة مثل بريطانيا التي لها علاقات وتحالفات مع دول عظمى، كان من الطبيعي أن تكون لعلاقاتها وتحالفاتها هذه الأولوية على أي (تحالف) صغير مع شيخ كشيخ الكويت..
فكم تعادت مع فارس ثم صادقتها، وكم تحاربت مع العثمانيين ثم تحالفت معهم. كذلك كان حالها مع القوى القبلية النافذة في الجزيرة العربية.
ثم إن سياستها في الخليج كانت تحكمها علاقتها مع الهند بوصفه أحد الطرق الهامة المؤدية إليها، وكذلك سياستها مع الدول الأوروبية وتنافسها معها على التوسع نحو الشرق واقتسام إمبراطورية الرجل المريض - تركيا.
التسميات
تاريخ الخليج