وسائل الاحتلال العسكري للمغرب.. الاعتماد على الأعيان الذين يمثلون عملاء الاستعمار وعلى رأسهم الكلاوي وإتباع سياسة الأرض المحروقة بإحراق المحاصيل الزراعية لتجويع السكان ولإرغام المقاومين على الاستسلام



اعتمد الاحتلال العسكري للمغرب على عدة وسائل من أبرزها:
- جيش ضخم مجهز بأسلحة حديثة.
- إتباع سياسة الأرض المحروقة (إحراق المحاصيل الزراعية لتجويع السكان ولإرغام المقاومين على الاستسلام).
- نهج سياسة بقعة الزيت (بث النزاعات القبلية).
- الاعتماد على الأعيان الذين يمثلون عملاء الاستعمار وعلى رأسهم الكلاوي.

وفق الاتفاقيات الإستعمارية، تم تقسيم المغرب إلى ثلاث مناطق للنفوذ هي: المنطقة الدولية بطنجة وضواحيها والمنطقتان الخاضعتان للحماية الإسبانية في الشمال والجنوب، ثم المنطقة التابعة للحماية الفرنسية في الوسط.

وأعلنت سلطات الحماية الفرنسية منذ توقيع معاهدة 30 مارس 1912 (معاهدة الحماية) بأن عمليات الغزو المسماة ب «التهدئة» تقام باسم السلطان ومن أجل استرجاع سلطته على مختلف مناطق البلاد؛ بينما كان هذا وسيلة لإضفاء طابع الشرعية على الإحتلال ولتلافي المواجهات المسلحة مع السكان.

وهاجمت البلاد المغربية قوتان استعماریتان أخذتا في اكتساحها، وكانتا تعتقدان بأن عمليات الغزو ستمر بسرعة. إلا أن المقاومة العنيفة التي واجهت الاحتلال العسكري، جعلته يمر بمراحل طويلة، ويستدعي استعدادات كبيرة من طرف سلطات الحماية.

فقد ارتفعت أعداد القوات المكلفة بغزو المغرب من 50.000 جندي سنة 1912 إلى 63,000 سنة 1914، بينما انتقلت حشودها سنة 1925 لمواجهة المقاومة الريفية إلى 325.000 من الجنود النظاميين و 400.000 من الاضافيين يقودهم 60 جنرالا ومارشال.

وتوفرت قوات المشاة والمدفعية على أحدث الأسلحة الموجودة وقتئذ، والتي استعملت أو اخترعت أثناء الحرب العالمية الأولى كالرشاشات والدبابات والمجانيق. كما استعمل الطيران لأخذ الصور والتعرف على المناطق ثم لقنبلة المراكز والمخادع المحصنة والأسواق.

واتبعت قوات الغزو الفرنسي طريقة «الأرض المحروقة» عند مهاجمتها للبوادي الثائرة، فكانت تحرق القرى وتقتل الرجال والأطفال وتسبي النساء وتختطف المواشي والمحصولات الزراعية.

وكان الجيش الفرنسي في المغرب يتألف من قوات نظامية وأخرى إضافية ثم من قوات التحرك. فالنظامية تتركب من وحدات من الجنود الأجانب عن المغرب من بين الأفارقة الزنوج ومن أبناء بقية بلدان افريقيا الشمالية. ويتولى قيادة هذه الوحدات ضباط فرنسيون.

وجدت القوات الإضافية من بين المغاربة من أبناء البوادي على الخصوص. وتشكلت منهم فرق «الكوم» و «المخازنية»، وأسندت قياداتها إلى ضباط الشؤون الأهلية الفرنسيين.

وكان يدفع بالقوات المغربية الأصل نحو المواجهات المباشرة حتى تسهل مهمة الجيش النظامي، فتعرض أعداد كبيرة منها للقتل والجرح، ثم تهاجم القوات النظامية بعد ذلك المنطقة المعينة وتحتلها.

أما قوات التحرك فتشكلت من عناصر منتقاة من مختلف الوحدات السابقة، ومن مختلف أنواع الأسلحة. وكانت أقوى الفرق وأكثرها عنفا في المواجهات ولاتستعمل إلا عند الاقتضاء.

واستعملت السلطات الاستعمارية، في هذا الغزو وغيره، علاوة على الوسائل المادية والعسكرية، الدهاء السياسي، فكانت تستعين بكبار القواد والباشوات أمثال الكلاوي والمتوكي والكندافي، مطبقة بذلك «سياسة الاعتماد على الأعيان» التي تعطي للعناصر الموالية للمستعمر من أبناء البلاد دورا مهما في تركيز الجهاز الاستعماري.

وكانت تحاصر المدن والقبائل الثائرة، فتقطع إمكانيات الإتصال بينها، وتقوم بحصار اقتصادي لها. وتضرب قبيلة بأخرى مستغلة مختلف المعلومات والتقارير التي سبق أن حضرها ضباط ومبعوثو المخابرات الأروبية. وكانت تلك التقارير قد جعلت سلطات الاحتلال على إطلاع تام بالأوضاع الداخلية للبلاد؛ وبشكل أدق بالقوى المحلية التي كانت تقتسم النفوذ السياسي والديني في مختلف مناطق المغرب.

فلم تكلف القوات الفرنسية نفسها عناء الدخول في معارك ومواجهات حادة، ولا تخصیص مصاريف كبيرة للغزو، فسميت خطتها هذه ب «سياسة بقعة الزيت» Tache d’huile.


المواضيع الأكثر قراءة