التأويل الثقافي ورسم علامات على طريق العلاقة بين النقد والثقافة.. التعمق في المصطلحة واللغوية والثقافية ومدى التعالق مع المنهجيات النقدية الحديثة



بحث مصطفى ناصف بحث في كتابه التأويل الثقافي من خلال رسم علامات على طريق العلاقة بين النقد والثقافة لتوضيح جوانب من القلق الجماعي الكامن في الأمثلة والمصطلحات.
ومصطلحات النقد العربي قسمان رئيسيان فيما يظن، "أحد القسمين يدور حول شيء من الترابط والتفاؤل والسذاجة الحلوة والبناء، والثاني يدور حول المناوأة، ويخدم مشاعر الاشتباه والتأويل والسخرية، والاكتفاء بحركة الذهن، دون اكتراث واضح بأهداف موحدة لا ريب فيها".
إن النقد العربي للنص التراثي قد يكون مفتاحاً للثقافة العربية، والثقافة العربية في بعض مظاهرها قد تكون أجلى وأعمق إذا تحسنّت قراءة هذا النقد.
وأكد أن الوجه الثقافي للنقد لا ينفصل عن الأسطرة أيضاً، للتظاهر بشيء من المصالحة بين المتباينات، أو التظاهر بالحركة السريعة التي توحي بحافة الحياة، وحافة الموت.
وأوضح "أن البلاغة تصور عمق النقد العربي وفلسفته، البلاغة هي دراما النقد العربي".
عّبر ناصف عن ثراء النقد العربي بطرائقه التجريبية من خلال مفردات وتراكيب مثل السلطة والعلاقة بين القبض والبسط، والوجه الأسطوري للاستدلال العقلي، والموقف المزدوج من قوة الكلمة، وخضوع النظرية كثيراً لمفهوم القسمة، والتعريف، "ومن حق النظرية أن تجرب طريق التجربة، والتكامل، والإيماء، والحذف، والصمت أيضاً".
استحضر ناصف أفكار عبد القاهر الجرجاني بالدرجة الأولى، على أنها ضرب من الوعي الجماعي، غير أن الوعي الفردي غالب على الرؤى والأفكار الذاتية في العصر الحديث، واستفاد من فكر الجرجاني الكاشف عن نسيج العقل العربي وتلاحمه، ومقاومته، وشموله، لأن العقل العربي هو مشغلة كل دارس عظيم في التراث.
وقد دقق هذا الفكر في خدمة التراث، وحركته، وجدله، فكل كتابة واعية تصهر الآفاق المتنوعة: آفاق المؤول وآفاق التراث.
عالج ناصف مسائل التشعب، والامتداد، والتعدد، وعلاقة الاشتباه بالمبادئ المحكمة في النقد العربي القديم والحديث، وصلة هذا النقد والثقافة الأدبية الموروثة بالمصطلحات المعاصرة، وعلى رأسها الغموض والتشظي وتعمقت أبحاثه في دراسة النحو والسلطة، والتأليف بين المتباينات، والكلمات بين التغير والثبات، والنقد العربي ومعجز أحمد، والدور الوظيفي للمغايرة، والبحث عن أسطورة الجماعة، والكلمة الغائبة، وعالم الاستعارة، والمغزى الثقافي للأسلوب، وأكثر من بلاغة، ونظام الشعر، والإحساس الأخلاقي، وقوة الكلمة، والحوار الداخلي.
إن درس التأويل الثقافي في كتاب ناصف شديد التعمق في المصطلحة واللغوية والثقافية ومدى التعالق مع المنهجيات النقدية الحديثة، ولا سيما الأسلوبية والبنيوية والحفر المعرفي.