لا تحيد مصنفات السحر المتداولة، عن ثنائية الخير و الشر التي تؤطر مجمل الممارسات السحرية.
ففي أمور المرض والعلاج، نجد الفهارس تعرض وصفات لتسليط مرض ما على الغريم، ومعها وصفات لتسليط الصداع أو لتمريض الغير أو لترميد عينيه (لإصابتها بداء الرمد)، أو لتسليط الحمى أو المغص أو الدمامل و الطاعون وغيرها من الأمراض الأخرى، من دون خسائر تذكر.
وهنا تكمن قوة الساحر عند العامة فهو يمنح الصحة والحياة الرغيدة، مثلما يمكنه أن ينشر المرض والموت على شخص أو على مجموعة من الناس.
لكن عندما يلجأ إلى السحر المؤذي يلتمس سبل الحيطة، حتى لا يجد نفسه في مواجهة القانون الوضعي أو السماوي.
وقد حرص واضعو مصنفات السحر على التحايل على رقابة الدين الذي يحظر السحر المؤذي تحت طائلة القتل.
ولذلك نجدهم في وصفات تسليط الأمراض يضيفون إلى عناوينها ما يفيد بأنها موجهة لوقف أذى الأشرار، مثل: لنـزيف الظالمة، لتمريض الظالم، لتسليط الحمى على ظالم، إلخ.
والمرض الذي يتسبب في حصوله ساحر، لا يمكن أن يبطل مفعوله إلا ساحر له نفس الكفاءة، أو أحد الأولياء.
ففي بلد المائة ألف ولي، توجد أضرحة لكل التخصصات العلاجية، و في كل مكان، بعضها له شهرة محلية محدودة التأثير، وأخرى تحظى بصيت يتخطى حدود الوطن إلى الأفق المغاربي.
وتتخذ الكثير من الأضرحة شكل مارستانات، بغرفها و مركباتها التجارية البسيطة وأيضا بطقوسها العلاجية.
ولعله من رابع المستحيلات ذكرها جميعا، أو حتى انتقاء أكثرها شهرة لدى العامة، ولذلك سنكتفي بنماذج منها تشمل التخصصات، العلاجية، الكبرى.
فالولي بويا عمر بإقليم قلعة السراغنة مشهور بعلاج الأمراض المرتبطة بالجن، وخصوصا الأمراض العقلية والعصبية.
و «الولي سيدي مكدول» بالصويرة يمنح الرجال الفحولة والنساء الخصوبة.
و «الولي مولاي بوشتى الخمار» بإقليم تاونات يعالج الجنون والصمم و البكم و غيرها.
و«الولي مولاي إبراهيم» (طير الجبال) بإقليم مراكش متخصص في علاج عقم النساء و ما يرتبط به من مشاكل اجتماعية.
و «الولي مولاي بوشعيب» بآزمور يمنح النساء المواليد الذكور، ضمانا لاستقرارهن الأسري...
والحقيقة أن «التخصص الكبير للأضرحة، وما يرتبط بتقديس الأولياء، بالانشغالات العميقة جدا للجنس البشري، هو تقديم علاج للقلق الجنسي وتسهيل الزواج ومنح الخصوبة» كما يرى درمنغن.
ولذلك نجد أغلب الأضرحة تضيف إلى تخصصها الرئيسي بعض تلك التخصصات الأخرى أو كلها.
على أن الولي في بعض الحالات الشهيرة لا يحتكر بركة علاج الأمراض لنفسه ولا يمنح بركته للعناصر الطبيعية في محيطه (شجرة، عين، كركور، إلخ) فحسب «بل إن تلك البركة قد تنتقل إلى أحفاده (أو من يدعون أنهم كذلك)، لتصبح وراثية بعد ذلك من الأب للإبن ومن الأم لابنتها.
وقد يختار الولي شخصا بعيدا عن ذريته ليمنحه بركة العلاج، فيرى ذلك الشخص الولي في منامه يخبره بالأمر.
0 تعليقات:
إرسال تعليق