مراحل وتقنيات تحليل نص تربوي مفتوح.. استثمار التجربة المهنية ومعطيات الواقع المعيش في قراءة النصوص



مراحل وتقنيات تحليل نص تربوي مفتوحك

1- مقدمة: 
اعتبارا للطابع المهني الذي يسم هذا الامتحان، توخينا التخفيف ما أمكن من الحمولة الأكاديمية للتقنيات المقترحة بصدد تحليل نص، وتوجيه المترشح بالتالي نحو استثمار تجربته المهنية ومعطيات الواقع المعيش في قراءته للنصوص والتعامل النقدي معها في ذات الآن.

وبما أن تحليل النص يخضع لمقاربات متعددة تعدد الخلفيات الفكرية والعلمية المنطلق منها في إنتاجه، فإن المراحل والتقنيات المقترحة هنا ما هي إلا دليل عمل، فهيقابلة للإضافة والتعديل؛ إذ المقصود منها ليس وضع المترشح ضمن نمط تحليلي محدد، بل مده  بجملة من المؤشرات القمينة بحفزه على البحث وإعمال الجهد الذاتي والتعامل المرن مع الأفكار.

2- القدرات المستهدفة:
حرصا على وضوح الرؤية و مساعدة المترشح على التقويم الذاتي، يكفيه أن يبرهن من خلال التحليل على القدرات التالية:

1-2- أن يتمكن من طرح الإشكالية التي يتمحور حولها النص.

2-2- أن يحلل النص تفكيكا و تفسيرا (تحديد مكوناته الأساسية، تفسير مضامينها دلالة على فهم ما تهدف إليه).

3-2- أن يقوم النص (التعامل النقدي مع النص، وضع مضامينه على محك التجربة المهنية أو الواقع المعيش).

3- المراحل والتقنيات المقترحة:
انسجاما مع ما تمت الإشارة إليه في التقديم، وعملا على تبسيط المنظور التحليلي المقترح، وكذا توسيع إطاره الذي نرومه محكوما بالهاجس التكويني في الدرجة الأولى، نقترح ورقتين:

- الورقة الأولى هدفها الاستئناس بمختلف المراحل و التقنيات التي يمكن توظيفها في تحليل نص مفتوح (ونقصد هنا غير الموجه أو غير المذيل بأسئلة).

- الورقة الثانية هدفها الاستئناس بالمراحل و التقنيات الممكن توظيفها في نص موجه  (أي مذيل بأسئلة).

ونؤكد منذ البداية على التداخل الكائن بين الورقتين، خاصة على مستوى إمكانية الاستفادة من المعطيات الواردة في الورقة الأولى لإغناء الورقة الثانية.

كما نؤكد أيضا - وحرصا على الشفافية التي يجب الالتزام بها في هذا المجال - بأن الورقة الثانية هي المرتبطة أكثر بشكل الامتحان المنتظر، بمعنى أن النص الذي سيتم طرحه في الامتحان سيكون نصا مذيلا بأسئلة (سؤالين أو أكثر). لذلك حرصنا على تقديم المعطيات الأساسية بصدده من خلال مثال في صورة عناصر ميسرة للجواب، تجنبا للتنميط والنسج على المنوال.

1-3- (المراحل والتقنيات المقترحة بصدد نص مفتوح):

1-1-3- طرح إشكالية النص:
أي القضية المحورية التي يدور حولها النص.

- بما أن الأمر يتعلق بإشكالية، فمعنى هذا أن هذه القضية تختزل مجموعة من المشاكل المترابطة. لذا يحسن الانطلاق في تركيبها من الكل إلى الجزء: طرح القضية/  الإشكالية في مجملها، ثم بيان أبعادها وطرحها في صيغة تساؤلية أو تقريرية تمهيدا لعملية التفكيك / التفسير.

- تيسيرا لإنجاز العمليات المذكورة يمكن الوقوف عند ما يمكن أن نسميه بمفاتيح النص: مصطلحات و مفاهيم أساسية، عبارات دالة (يمكن أن يكون التكرار دلالة هنا)...

يمكن، قبل طرح الإشكالية، إنجاز مدخل يركز فيه على:
- بيان نوع النص (مقتطف من عمل أكاديمي، من مقالة...).

- وضع النص في إطاره الفكري والعلمي (حقله المعرفي: علم الاجتماع، علم الاقتصاد، علوم التربية... انتمائه ضمن هذا الحقل، أي المدرسة أو الاتجاه الذي يندرج فيه) وستكون مناسبة للتعرض لشخصية صاحب النص والظروف السوسيو- تاريخية المساهمة في إفراز النص.

2-1-3- تفكيك النص:
- بناء هيكلة خاصة للنص بإبراز مكوناته الأساسية و ترتيبها.
- مراعاة مدى الانسجام الكائن بين هذه الهيكلة وبين ما سبق طرحه في المرحلة الأولى.

- تفسير كل مكون على حدة مع الحرص على ألا تتخذ عملية التفسير طابع اجترار منطوق النص. فالتفسير هنا محاولة لإعادة إنتاج مفصلة للنص عن طريق المجهود الذاتي للمترشح في تمثل محتوياته، على أساس أن محلل النص يعتبر وسيطا بين صاحب النص   وبين قارئه العادي.

- الحرص على أن تتخذ عملية التفسير طابع محاورة النص من داخله أي الانسياق في نفس توجهه سعيا وراء تبسيط معطياته.

لذلك يندرج ضمن عملية التفسير:
- التعليل: محاولة  الكشف عن المبرارات والأسباب المفسرة للتوجه الذي يحكم مضامين مكوناته.

- التأويل: محاولة الكشف عن المسكوت عنه في النص والذي يوحي به منطوق النص، أي إعطاء مضامين النص معنى لا يكون ظاهرا و لكنه مستشف من العبارات أو المصطلحات... الموظفة في النص.

- مقابلة أفكار النص بأفكار نصوص أخرى تندرج في نفس توجهه سواء كانت لنفس الكاتب أو لمن يتفق معه من الكتاب الآخرين، وذلك إمعانا في فهم أبعاد توجهه.

- إغناء النص بأمثلة تعزز ما يذهب إليه أو توضح ما يبدو غامضا فيه.

- توضيح منطق النص: الآليات المعتمدة في الإقناع، نوع المقولات الفكرية المروجة (افتراضات، استنتاجات، مقارنات...).

 - التحليل المقترح هنا لا ينفصل عن عملية التركيب التي آثرنا عدم التنصيص عليها كمرحلة منفصلة توخيا للتبسيط. فما تمت الإشارة إليه آنفا من: إغناء مضامين النص بإضافات مستقاة من الأدبيات أو من الواقع في إطار التعمق في فهمه، الخروج باستنتاجات، الربط بين الأفكار، هيكلة النص بإبرازمكوناته الأساسية وترتيبها، كل ذلك من صميم عملية التركيب.

3-1-3- تقويم النص:
- أي مناقشته و مقاربته مقاربة نقدية.
- عادة ما يميز في هذا الصدد بين التقويم الداخلي الذي يتم من داخل النص و بين التقويم الخارجي الذي يتم من خارج النص: من خلال نصوص أخرى أو من خلال الواقع.

وعلى العموم يمكن أن يتم التقويم بنوعيه على المستويات التالية:

- المنطق المعتمد في النص: قد يكون مفتقرا إلى التماسك (تناقضات / مفارقات)، قد يكون قاصرا عن الإقناع والتأثير وتحقيق الهدف المتوخى منه نظرا لبعض العبارات أو الأفكار المروجة ضمنه.

- مدى انسجامه مع الانتماء الفكري أو العلمي للكاتب ومع إطاره السوسيو- تاريخي.

- مدى الصحة العلمية والواقعية للأفكار المطروحة ضمنه (وهنا يمكن الاستعانة باستشهادات مستقاة من نصوص كتاب آخرين بمن في ذلك أولئك الذين ينتمون لنفس التوجه الفكري والعلمي لصاحب النص، كما يمكن الاستعانة بأمثلة مستمدة من الواقع بصفة عامة).

- مدى ملاءمة أفكار النص للواقع المغربي ككل أو للواقع المهني للمترشح بصفة خاصة، أو ما يمكن أن نسميه بمدى وظيفية النص.

والمتوخى هنا هو حث المترشح على فتح آفاق للنص على واقعه المعيش أو على تجربته المهنية، لكي يصبح نصا وظيفيا قمينا بأن يستثمر لإغناء ذلك الواقع أو هذه التجربة.

وهنا يمكن إضافة التعديلات التي يراها المترشح ضرورية لتكييف النص مع خصوصية الواقع أو الممارسة المهنية (ما ينبغي الاستغناء عنه من أفكار النص، ما يمكن تبنيه مع الإضافة و التعديل...).

وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن تقويم النص لا يشمل بالضرورة جميع الأفكار المطروحة ضمنه، بل يستحسن الوقوف عند ما هو أساسي منها، خصوصا و أن محاولة الدخول في جميع تفاصيل النص قد توقع المحلل في الإطناب.