مسجد الروضة المباركة: منارة روحانية في قلب عمّان
يُعد مسجد الروضة المباركة أحد أبرز وأشهر المعالم الدينية في مدينة عمّان الأردنية، ويقع تحديداً في حي تلاع العلي، وهو حي معروف وحيوي في العاصمة. تأسس هذا المسجد في عام 1998م، ومنذ ذلك الحين، اكتسب شهرة واسعة لما يقدمه من أنشطة روحانية متميزة وأجواء إيمانية فريدة.
"مسجد البكّائين": دلالة روحانية عميقة
يُطلق على مسجد الروضة المباركة لقبٌ مميز يعكس عمق التأثير الروحاني الذي يحدثه في نفوس المصلين، وهو "مسجد البكّائين". هذا اللقب ليس مجرد تسمية عابرة، بل هو وصف دقيق لحالة الخشوع والتأثر التي تسود أروقته، لا سيما في ليالي شهر رمضان المبارك. ففي هذه الليالي الفضيلة، يزداد عدد المصلين، وتكثر مجالس الذكر والدعاء، حيث يغلب على المصلين البكاء من خشية الله والتضرع إليه، في مشهد يعكس قوة الإيمان وصفاء الروح. هذا اللقب يعكس أيضاً الدور البارز للمسجد كملتقى للمتعبدين والباحثين عن السكينة الروحية.
إمام المسجد: القارئ الشيخ أحمد الصوي
يقود هذه الأجواء الروحانية ويُشرف عليها القارئ الشيخ أحمد الصوي، وهو شخصية محورية في المسجد. يشغل الشيخ الصوي منصب إمام المسجد وخطيب الجمعة، ويُعرف بجمال صوته في تلاوة القرآن الكريم، وعمق علمه، وبلاغته في الخطابة. يلعب الشيخ الصوي دوراً كبيراً في توجيه المصلين وتغذية أرواحهم بالعلم الشرعي والتذكير بأهمية العبادة والتقوى، مما يساهم بشكل مباشر في ترسيخ مكانة المسجد كمركز إشعاع ديني في المنطقة.
أنشطة المسجد المتنوعة: إحياء للتراث ونشر للعلم
يتجاوز دور مسجد الروضة المباركة مجرد إقامة الصلوات الخمس. فهو مركز حيوي للأنشطة الدينية والثقافية المتعددة التي تهدف إلى إحياء التراث الإسلامي الأصيل، ونشر العلم الشرعي، وتعزيز الروابط المجتمعية. من أبرز هذه الأنشطة:
- إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف: يُولي المسجد اهتماماً خاصاً للاحتفال بذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تُقام في هذه المناسبة فعاليات كبرى تتضمن الدروس والمحاضرات التي تسلط الضوء على سيرة النبي العطرة، شمائله، ومكانته في الإسلام، بهدف ترسيخ محبته في قلوب المسلمين والاقتداء بسنته.
- مجالس الإنشاد الديني والصلاة على النبي: يُعرف المسجد بتنظيمه المنتظم لمجالس الإنشاد الديني التي يُقدم فيها المنشدون قصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وتُعقد فيها جلسات مكثفة لـ الصلاة على النبي. هذه المجالس تُضفي على المسجد أجواءً من السكينة والطمأنينة، وتُذكر المصلين بأهمية الإكثار من الصلاة والسلام على خير البشر.
- قراءة قصيدة البردة للبوصيري: تُعد قراءة قصيدة البردة للإمام البوصيري تقليداً راسخاً ومميزاً في مسجد الروضة المباركة. تُقرأ هذه القصيدة الشهيرة، التي تُعتبر من أروع ما قيل في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، كل ليلة جمعة. يشارك في قراءتها وتجويدها عدد من المصلين، مما يخلق أجواءً روحانية عالية، ويُساهم في الحفاظ على هذا الإرث الأدبي والديني العظيم.
خلاصة:
باختصار، يُجسد مسجد الروضة المباركة نموذجاً للمسجد المعاصر الذي لا يقتصر دوره على أداء الشعائر، بل يمتد ليكون مركزاً للتربية الروحية، والتعلم الديني، وتعزيز الروابط المجتمعية، مما يجعله منارة إيمانية حقيقية في قلب عمّان.