الحقيقة من الدلالة إلى الإشكالية.. الدلالة المتداولة. الدلالة اللغوية. الدلالة الفلسفية

الحقيقة من من الدلالة إلى الإشكالية:

1- الدلالة المتداولة:
يشير لفظ الحقيقة للدلالة المتداولة إلى معنيين أساسيين: الصدق، والواقع الحقيقي: هو كل ما هو موجود وجودا واقعيا، بينما الصادق هو الحكم الذي يطابق الواقع ومن تم يكون الواقع هو مرجع الحقيقة وأساسها، فكل ما هو واقعي حقيقي، وكل ما هو مطابق للواقع صادق وحق.

غير أن هذا التحديد للحقيقة يطرح جملة من التساؤلات منها: أليس اللاواقعي واللاحقيقي يمكن أن يوجد ضمن الواقع، مثل: الخطأ، الكذب، الخيال ...؟، فهذه الأشياء واقعية لكنها ليست حقيقة، معنى هذا أن ليس كل ما هو واقعي حقيقي، أو كل ما هو حقيقي واقعي، وبالتالي فإن الدلالة الحقيقية الشيء الذي يفرض علينا تجاوزها والتفكير فلسفيا في مفهوم الحقيقة من خلال تحديد الدلالتين اللغوية والفلسفية.

2- الدلالة اللغوية:
يعرفها الجرجاني في كتابه "التعريفات" هي الشيء الثابت قطعا ويقينا، يقال حق الشيء إذا تبين، وهي اسم للشيء المستقر في محله، و الملاحظ أن الجرجاني في هذا التعريف يختزل الحقيقة فيما هو تابت ومستقر ويقيني، يقابله المتغير والزائف والمتحول، وبذلك يلتقي هذا التعريف مع المعنى الأنطلوجي للحقيقة كماهية وجوهر في المقابل الأعراض المتغيرة والفانية.

أما على المستوى المنطقي فيرادف لفظ الحقيقة الحق والصدق، ويقابله الباطل والكذب، فتصبح الحقيقة بهذا المعنى: هي الحكم المتطابق مع الواقع، ففي الحق يكون الواقع مطابقا للحكم، بينما في الصدق يكون الحكم مطابقا للواقع وبذلك تكون الحقيقة صفة للحكم المطابق للواقع.

3- الدلالة الفلسفية:
قد حدد لالاند الحقيقة في معجمه الفلسفي باعتبارها خاصية ما هو حق، وهي القضية الصادقة وما تمت البرهنة عليه وهي شهادة الشاهد، وهو ما يعني اعتبار الحقيقة هي الواقع لا الذي لا يمكن الشك فيه.

وهكذا يعطي لالاند خمس معاني للحقيقة: 
- الحقيقة بمعنى الحق حين يطابق الواقع الحكم وضده الباطل.
- الحقيقة بمعنى الصدق حين يطابق الحكم الواقع وضده الكذب.
- الحقيقة بمعنى الشيء المبرهن عليه.
- الحقيقة بمعنى شهادة الشاهد لما رآه أو فعله.
- الحقيقة بمعنى الواقع.

يكتسي تعريف لالاند للحقيقة طابعا وصفيا حيث جمع أغلب التصورات حول مفهوم الحقيقة رغم تباينها، وبالتمعن في تعريف لالاند واستحضار التقابلات داخل مفهوم الحقيقة، مما يفرض علينا إقامة حوار وتباحث فلسفيين مع هذا المفهوم رغبة في فهم فلسفي دقيق، وهو ما يعني ضرورة الانتقال إلى المساءلة الفلسفية الإشكالية، حيث يصبح السؤال الفلسفي هو العنصر الاستراتيجي لهذه المساءلة.

ونجمل هذه الصياغة الإشكالية في التساؤلات الآتية: 
- ما علاقة الحقيقة بالواقع؟ 
- وما معيارها وهل الحقيقة واحدة أم متعددة؟ 
- ما قيمة الحقيقـة؟
أحدث أقدم

نموذج الاتصال