يرى جاردنر أن هناك براهين مقنعة تثبت أن لدى الإنسان عدة كفاءات ذهنية مستقلة نسبياً يسميها بكيفية مختصرة: "الذكاءات الإنسانية".
أما الطبيعة الدقيقة لكل كفاءة ذهنية منها وحجمها فليس بعد أمراً محدداً بدقة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بعدد الذكاءات الموجودة بالضبط.
كما يرى أنه من الصعب أن نتجاهل وجود عدة ذكاءات مستقلة عن بعضها البعض نسبياً، وأن بوسع الفرد وكذا محيطه الثقافي أن يقوم بتشكيلها أو تكييفها جميعاً بطرق متعددة (Gardner 1997).
على أن مفهوم الذكاء لديه يختلف عن المفهوم التقليدي، فهو يعطيه معنى عاماً، إن الذكاء لديه هو القدرة على إيجاد منتوج لائق أو مفيد، أو أنه عبارة عن توفير خدمة قيّمة للثقافة التي يعيش فيها الفرد.
كما يعتبر الذكاء مجموعة من المهارات التي تمكن الفرد من حلّ المشكلات التي تصادفه في الحياة.
وبهذا التعريف نجد جاردنر يبعد الذكاء عن المجال التجريدي والمفاهيمي ليجعله طريقة فنية في العمل والسلوك اليومي، وهو بذلك يعطيه تعريفاً إجرائياً يجعل المربين أكثر تبصراً بأهدافهم وعملهم.
إن الذكاء وفق جاردنر عبارة عن إمكانية بيولوجية يجد له تعبيره فيما بعد كنتاج للتفاعل بين العوامل التكوينية والعوامل البيئية، ويختلف الناس في مقدار الذكاء الذي يولدون به، كما يختلفون في طبيعته، كما يختلفون في الكيفية التي ينمّون بها ذكاءهم.
ذلك أن معظم الناس يسلكون وفق المزج بين أصناف الذكاء، لحل مختلف المشكلات التي تعترضهم في الحياة.
يظهر الذكاء بشكل عام لدى معظم الناس، بكيفية تشترك فيها كل الذكاءات الأخرى، وبعد الطفولة المبكرة لا يظهر الذكاء في شكله الخالص. ومعظم الأدوار التي ننجزها في ثقافتنا هي نتاج مزيج من الذكاءات في معظم الأحيان.
فلكي تكون عازفاً موسيقياً بارعاً على الكمان، لا يكفي أن يكون لديك ذكاء موسيقى، وإنما تكون لديك لياقة بدنية أيضاً، والمهندس ينبغي أن يكون لديه بدرجات متفاوتة، كفاءات ذهنية؛ ذات طابع فضائي ورياضي ومنطقي وجسمي وعلائقي.
ولتمييز الذكاء عن القدرات العقلية الأخرى، فإن جاردنر يقدم لنا مجموعة من العلامات، أهمها:
1- استقلال منطقة الذكاء في حالة وقوع تلف عصبي.
2- وجود موهوبين وضعاف العقول وغيرهم من الأشخاص، ما يساعد على دراسة الذكاء بشكل منعزل.
3- وجود مجموعة من العمليات أو الآليات الأساسية لعلاج المعلومات التي تسمح بتحليل ومناقشة مختلف أنواع المعطيات النوعية، وهذه الآليات العصبية هي ما نسميه ذكاءً، وهي مبرمجة فينا وتعمل بمجرد استثارتها بكيفية معينة (أصوات، حركات.. الخ).
4- وجود تاريخ نمائي لدى الفرد لهذه القدرة الذهنية.
5- وجود تطور تاريخي قديم لهذه القدرة العقلية.
6- ما يقدمه علم النفس التجريبـي من دعم، حيث أمكن إجراء دراسات حول الاستقلال النسبي للذكاء والذاكرة.
لا يكتفي جاردنر بتقديم علامات لتحديد الذكاء، وإنما يقوم كذلك بوضع بعض المعايير التي تميزه عن غيره، فالذكاء ليس مرادفاً للجهاز الحسي.
كما أنه ليس من الضروري أن يعتمد بشكل مطلق عليه، كما أنه لا يمكن رفع الجهاز الحسي إلى مستوى الذكاء، ثم إن الذكاء يعبر عنه بأكثر من جهاز حسي.
التسميات
ذكاءات متعددة