بعض مصادر المدينة المنورة في العصر العثماني تقدم وصفاً تفصيلياً لابواب هذا السور، وهي كما وردت عند علي بن موسى على النحو التالي:
- باب العوالي من الشرق، ويقصد به هنا الجزء الشرقي من ضلع هذا السور والذي كان يحيط بالضواحي الجنوبية.
- باب قباء، إلى الجنوب من الباب السابق، وكان يفتح على الناحية الجنوبية.
- باب العنبرية، وكان في الضلع الغربي للسور.
- باب الكومة، وكان في الناحية الشمالية. ولا شك أن ذلك الباب هو الذي عُرف أيضاً بالباب الشامي الصغير، وقد سبقت الإشارة إليه.
يضيف إبراهيم رفعت باشا للأبواب السابقة باباً خامساً في الناحية الشرقية، ذكر اسمه بصيغة التشكيك حيث قال عنه: (ولعل الثاني باب الكوفة)، مما يوحي بأنه لم يكن متأكداً من وجود ذلك الباب في السور (البرّاني).
عبدالعزيز كعكي يذكر أنه لهذا السور سبعة أبواب، على النحو التالي: باب العوالي، باب قباء، باب المغيسلة، باب العنبرية، باب السكة الحديد، باب البرابيخ، باب الكومة.
أي أنه أضاف ثلاثة أبواب أخرى، لعل حالها مثل حال سابقتها في السور (الجواني). كما أنه لم يوقعها على الخريطة التي أوردها عن هذا السور.
آخر هذه الأبواب تلك التي أوردها عبدالعزيز كعكي، وذكر أنها كانت تقع في السور الثالث للمدينة المنورة، وذكر بأنه يسمى (الهاشمي).
ويرد هذا السور محدداً على خارطة عملها الرحالة روتر عام 1344هـ/ 1925م، وأطلق عليه اسم حائط الحسيني، كما سبق أن ذكر، ويظهر على مخطط هذا السور ثلاثة أبواب، أما الكعكي فيذكر أن له أربعة أبواب هي: باب الأبارية؛ باب الصدقة؛ باب التمار؛ وأخيرا باب الشهداء.
ولم يحدد مواضع هذه الأبواب على هذا السور.
في ضوء ما سبق يتضح أن هناك من أبواب المدينة ما هو قديم قدم أسوارها، مثل: باب البقيع الذي ذكرته المصادر في الحقب التاريخية المختلفة، وباب الشامي الكبير، الذي من المؤكد أنه هو الباب الذي أسماه المقدسي بباب الثنية، لأنه يقع في موضع باب الشامي الكبير، بحسب ما ذكره المقدسي والمصادر اللاحقة عن موضع هذا الباب بالنسبة للسور الجواني.
من جانب آخر هناك أبواب أضيفت في مراحل تاريخية لاحقة، مثل تلك التي أوردها عبدالعزيز كعكي، وقد سبق ذكرها.
لبعض هذه الأبواب أهمية خاصة، فقد كان يعول عليها في حركة الدخول والخروج من المدينة، خاصة فيما يتعلق بالقوافل والمواكب الرسمية.
فباب المصري في السور (الجواني) وباب العنبرية الذي يقابله في السور (البراني) (عليهما العمل في دخول القوافل وخروجها). ومنهما تدخل المواكب الرسمية. ويقول علي بن موسى عن باب العنبرية: (وهو أكثر الأبواب عملاً لدخول المتاجر والحجاج والزوار منه على الدوام ونزول موكب الحج المصري عنده بعساكره كل عام).
ويقول عن باب المصري: (وهو أشهر أبواب السور الجواني ويعرف بباب المصري لأنه بين الأسواق، وهو على البلاط الأعظم).
وكذلك كان الحال بالنسبة للباب الشامي الكبير، والذي يدخل منه ركب الحج الشامي، وعليه يقع مدخل أحد الشوارع الرئيسية التي كانت تخترق المدينة المنورة.
وهناك من الأبواب ما كان يؤدي الى الأماكن المحيطة بالمدينة؛ فباب البقيع كان يؤدي الى البقيع وما حوله، وباب الكومة منه يتوصل الى (المساجد الأربعة الموضوعة بغربي جبل سلع عند غار بني حرام فيكون مروره منه ومنه إخراج الغنم للذبح، وإدخالها بعد نقل المجزرة من المحل القديم الى خارج البلدة).
كانت هذه الأبواب تغلق ليلاً، كما يشير بذلك النابلسي عند قدومه للمدينة المنورة، حيث كان وصولهم في الثلث الأخير من الليل فوجدوا الباب الشامي الكبير مغلقاً، فأنزلوا متاعهم بجوار الباب الشامي الصغير، وباتوا هناك خارج المدينة المنورة.
التفاوت في أهمية هذه الأبواب كان له أثره على عمارتها، حيث كانت الرئيسة منها ذات كتل معمارية كبيرة ومداخلها مرتفعة، مثل باب العنبرية وباب الشامي الكبير وباب المصري. بينما كانت الأبواب الأقل أهمية صغيرة في مبانيها مثل باب الشامي الصغير وباب الحمام (ذروان).
وعلى الرغم من وجود فرق بين أحجام هذه الأبواب، فإنه في ضوء ما يتوافر عنها من لوحات مصورة، فإن معظمها كان على طراز واحد، بحيث تتكون كتلة الباب المعمارية من فتحة معقودة تقع ضمن حجر معقود يكتنفه برجان في شكل نصف دائرة.
ولا يستثنى من ذلك سوى باب العنبرية، الذي تتكون كتلته المعمارية من مضلع خال من الأبراج تتخلله فتحة وسطى معقودة، تكتنفها فتحتان أقل ارتفاعاً، ويلاحظ أنهما في بعض اللوحات المصورة تبدوان مفتوحتين تارة ومسدودتين تارة أخرى.
شهدت هذه الأبواب اعمال تعمير وإعادة بناء في حقب تاريخية مختلفة، كانت في بعض حالاتها مرتبطة بأعمال البناء والتجديد لأسوار المدينة. ومن أمثلة ذلك إعادة بناء السور (الجواني) سنة 939هـ/ 1532م، حيث تزامن مع إعادة بناء أبواب ذلك السور، فبني بعضها بالحجر المنحوت المهذب، وبعضها الآخر بالحجر الغشيم. كما شهد السور بعد ذلك تجديدات في حقب تاريخية مختلفة شملت بعض أبوابه، ودونت في نصوص تذكارية على لوحات عملت على بعض هذه الأبواب.
السور (البرّاني) شمله إعادة البناء أيضاً، مثلما حدث في زمن سيطرة محمد علي باشا على الحجاز، بعد حروبه مع الدولة السعودية الأولى؛ حيث لم يبق منه سوى ابراج تحيط بالمنطقة، موزعة على مسافات متساوية؛ فأمر محمد علي باشا أن يُبنى سور بين (الأبراج أساسه من حجر الى وجه الأرض وارتفاعه باللبن وجعلوا فيه الأبواب).
وقد شهد ذلك السور وأبوابه تعميرات وتجديدات حدثت بعد ذلك.
تلك الأبواب أطلق عليها أسماء مختلفة تعكس في بعضها أسماء بعض الأماكن التي تفتح عليها هذه الأبواب، مثل باب البقيع لأنه يقع في مواجهة مقبرة البقيع ومنه ينفذ إليها، وباب قباء لأنه يؤدي الى قباء وما جاورها، والباب الشامي لأنه يفتح الى الشمال حيث بلاد الشام ومنه يدخل حجاج هذه البلاد.
وقد تحمل هذه الأبواب أسماء بعض الحكام الذين أمروا ببنائها وتجديد عمارتها، مثل الباب المجيدي الذي نسب للسلطان عبد المجيد الذي جدده عندما جدد عمارة المسجد النبوي الشريف، فيما بين سنتي 1267ـ1277هـ/ 1850ـ1860م. وباب الحميدية نسبة للسلطان عبد الحميد الذي جدد عمارته سنة 1305هـ/ 1877م.
التسميات
تراث الحجاز