وزارة ياسين الهاشمي.. دعوة إلى العشائر دعاهم فيه الى رمي السلاح والعودة الى مزاولة الأعمال الاعتيادية والتعهد بتطبيق القوانين على أساس الحق والعدل



وزارة ياسين الهاشمي 1935 - 1936:

أدى سقوط وزارة المدفعي إلى الاعتقاد بأن الجماعة الوحيدة التي تستطيع إعادة الاستقرار الى البلاد هي جماعة الإخائيين، لذلك دعا الملك ياسين الهاشمي زعيم حزب الإخاء لتشكيل لوزارة.

نزع سلاح العشائر:

وفي أعقاب تشكيل وزارته، أصدر الهاشمي بياناً الى العشائر دعاهم فيه الى رمي السلاح والعودة الى مزاولة الأعمال الاعتيادية وتعهد بتطبيق القوانين على أساس الحق والعدل.
إلا أن الهياج العشائري لم يتوقف إذ حدث تمرد في الرميثة يقوده الشيخ خوام رئيس عشيرة بني زريج، لذلك تقدمت القطعات العسكرية نحوها وانهت التمرد بعد أن ألقت القبض على الشيخ ودخل الجيش الرمثية في السادس عشر من آيار 1935.

تمرد في شمال العراق:

وفي الشمال قال تمرد في منطقة الزيبار أثناء شهر آب 1935 برئاسة خليل خوشوي، إلا أن القطعات العسكرية انهت التمرد وأعلنت الأحكام العرفية في المنطقة.
ومن جهة أخرى أصبح الوضع في الرميثة صعباً وليس بالإمكان السيطرة عليه بعد أن طبقت الحكومة التجنيد الإلزامي وكذلك منعت الوزارة الهاشمية تسير مواكب العزاء في الطرقات العامة أثناء عاشوراء وهذا الأمر استغله خصوم الوزارة واصبح سبباً لتمرد عشائر أخرى في الرميثة.

القضاء على التمرد العشائري:

ومهما يكن من أمر فإن وزارة ياسين الهاشمي قد نجحت في القضاء على التمرد العشائري بواسطة القوة العسكرية وفرض سلطانها على جميع أنحاء العراق، إلا أنه اتضح فيما بعد أن تلك القوة العسكرية المتنافية النفوذ أصبحت هي العامل الرئيسي في إسقاط وزارة الهاشمي.

حل البرلمان:

صمم القادة الآخائيين، الذين سبق وأن انتقدوا بشدة انتخابات علي جودت، على حل البرلمان، فأصدر الملك أمراً في 9 نيسان 1935 يقضي بحل البرلمان على أساس أن الوضع الراهن يحتاج الى تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية كي تتمكن الأخيرة من القيام باصلاحات مهمة.
وفعلاً حل البرلمان وأجرت الانتخابات في آب 1935 وعلى أثرها ارتفع عدد المقاعد النيابية من (88) الى (108) وأعلنت الوزارة منهاجها الذي تتعهد به كالعادة في القيام بمختلف الاصلاحات.

الدعوة إلى الوحدة العربية وتحميل المعارضة مسؤولية الانفلات الأمني:

أما بالنسبة للسياسة الخارجية: فيمكن القول أن الوزارة قد أكدت على الاتجاه القومي ودعت الى الوحدة العربية كما أيدت فكرة الجامعة العربية. وبالنسبة للعلاقات مع بريطانيا فقد سارت وفق معاهدة عام 1930.
ولم تظهر أية محاولة لتعديل تلك المعاهدة في عهد هذه الوزارة، كما أن علاقات ياسين الهاشمي بالسفير البريطاني في بغداد اتسمت بالود والمجاملة.

اعتبرت الحكومة أن المعارضة السياسية هي المسؤول الأول عن قيام الحركات العشائرية ولما نجحت في إخمادها أخذت تعمل على تعزيز مكانتها عن طريق القوة والدعاية فوضعت صحف المعارضة تحت رقابة شديدة.
وكانت جماعة الأهالي التي تزعمها حكمت سليمان وجعفر أبو التمن أقوى معارضة واجهتها وزارة الهاشمي.
بعد أن واجهت حكومة الهاشمي الانتقادات الشديدة من معارضيها أخذت تتحدث عن أخطار التغيرات الوزارية.
وألقى رئيس الوزراء في البصرة خطاباً في 5 أيلول 1936 أكد على ضرورة استقرار الحكومة.

قيود على تصرفات الملك غازي:

ومن جهة أخرى فإن الملك غازي الذي كان شاباً لا يتجاوز الرابعة والعشرين لم يكن مرتاحاً من تصرفات ياسين الهاشمي الذي غالباً ما تعارضت مع رغباته الشخصية ولاسيما بعد أن فرضت القيود على تصرفات غازي وأصدقائه في أعقاب هروب الأميرة عزة شقيقة الملك غازي مع عامل أحد الفنادق يوناني الجنسية وزواجها منه في حزيران عام 1936.

انقلاب عسكري:

وقبل إسقاط حكومة الهاشمي بقليل، أبلغ الملك وزير الخارجية نوري السعيد عن رغبته في تغيير الوزارة إلا أن الهاشمي لم يكن يرى وجوب الاستقالة، ولم يكد يمضي أسبوع واحد على ذلك حتى انقلبت الحكومة على يد الجيش فجأة، فكان هذا الانقلاب بمثابة الإعلان عن انتقال القوة السياسية من المدنيين الى الجهات العسكرية.