الفشل الدراسي والعوائق السوسيوثقافية.. الثقافة المكتسبة في الوسط الأسري محدد لتوافق الطفل مع محيطه المدرسي الجديد أو عدم توافقه ولنوع المكانة الاجتماعية التي يشغلها الفرد

يعتبر الوسط الأسري عاملاً أساسياً ومسؤولاً عن التوافق الدراسي للطفل، ويقوم هذا الاتجاه على اعتبار أساسه: إن الوسط الأسري المنخفض وسط جاف ومحبط ولا يساعد على النمو، وبالتالي يؤدي إلى معوقات، في حين أن المنحدرين من أوساط محظوظة يستفيدون من هذا العامل، ويعزو هذا الاتجاه اللامساواة والفشل الدراسي إلى أسباب خارجية عن المؤسسة المدرسية.

يقول بيرنو: "نعرف جيداً أن كل المتعلمين ينحدرون من ثقافة هي ثقافة أسرهم وأحيائهم، ومجموعات الانتماء وكذا الطبقات الاجتماعية، إنهم كل حسب انتمائهم، ورثة، غير أن السوق المدرسي (le marché scolaire) يجعل من بعض الإرث يزن ذهباً، في حين يشكل إرث آخر عملة رخيصة.

إن الأطفال الذين نموا بين الكتب وفي خضم نقاشات ثقافية لا يحسون بالاغتراب عندما يلجون المدرسة، وهم ليسوا مغتربين، إلا من الأشكال الخاصة للفعل التربوي، وللعلاقات التربوية.

أما أولئك الذين ترعرعوا في مساحات جرداء وأمام تلفزيون تفصلهم عنه مسافات، فإنه عليهم قطع مسافات طويلة ما دام لا شيء يتحدث إليهم لا الأشياء ولا الأشخاص ولا الأنشطة".

يلتقي إذن بيرنو مع بورديو في اعتبار الثقافة المكتسبة في الوسط الأسري محدداً لتوافق الطفل مع محيطه المدرسي الجديد أو عدم توافقه، كما أن الثقافة المدرسية تحدد نوع المكانة الاجتماعية التي يشغلها الفرد، ما يفرز نوعاً من العلاقة المتبادلة بين المدرسة والولوج إلى عالم الشغل.

وفي هذا الصدد، يقول ميشيل لوبرو: "إن المستوى الاجتماعي للآباء يحدد بدوره المستوى المدرسي والثقافي للأبناء، وهذا الأخير يحدد بدوره المستوى الاجتماعي لهؤلاء أنفسهم: إن الثعبان يعض ذيله".

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال