يؤدي السمو الموضوعي للدستـور إلى تدعيم مبدأ المشروعية Le principle de légalité في نظر الأفراد، كما يؤدي إلى اتساع نطاقه.
فإذا كان هذا المبدأ يعني في مدلوله الضيق احترام القوانين العادية الصادرة عن سلطة التشريع، وأن أي تصرف يتم مخالفاً لهذه القوانين يكون مجرداً من أي أثر قانوني، سواء صدر هذا التصرف من جانب الأفراد أم جانب سلطات الدولة الإدارية، فإن مبدأ المشروعية يعني في هذا المقام مدلولاً أوسع، إذ سيمتد نطاق المشروعية ليشمل القواعد الدستورية فضلاً عن القواعد العادية.
وبالتالي يغدو واجباً على جميع سلطات الحكم في الدولة الالتزام بالدستور، ومن ثمَّ عدم الخروج على ما يقرره من أحكام وذلك فيما تباشره من مهام واختصاصات، ومعنى ذلك أنه يجب على السلطة التشريعية أن تحترمه وتتقيد به فيما تصدره من تشريعات.
ويجب على السلطة القضائية أن تحترم نصوصه وأن تطبق أحكامه إذا ما عرضت في مجال دعوى تطرح أمامها.
كما يتعيَّن على السلطة الإدارية فيما تتخذه من أعمال وتصرفات ألا تخالف نصوص الدستور، وإلا عُدَّت هذه الأعمال وتلك التصرفات غير مشروعة.
وهذا ما قررته محكمة القضاء الإداري المصرية في حكمها الصادر بتاريخ 30/6/1952، حيث تقول: «إنَّ ما انعقد عليه الإجماع هو أنَّ الدولة إذا كان لها دستور مكتوب وَجَبَ عليها التزامه في تشريعها وفي قضائها وفيما تمارسه من سلطات إدارية، وتعيَّن اعتبار الدستور فيما يشتمل عليه من نصوص، وفيما ينطوي عليه من مبادئ، هو القانون الأعلى الذي يسمو على جميع القوانين. والدولة في ذلك إنما تلتزم أصلاً من أصول الحكم الديمقراطي هو الخضوع لمبدأ سيادة الدستور».
وهو ما أكدته المحكمة الإدارية العليا المصرية في حكمها الصادر في 12/7/1958 حين أعلنت: «أن القانون لا يكون غير دستوري إلا إذا خالف نصاً دستورياً قائماً أو خرج على روحه ومقتضاه. ومردّ ذلك إلى أنَّ الدستور، وهو القانون الأعلى فيما يقرَّره، لا يجوز أن تهدره أداة أدنى».
وحاصل القول، أن سمو الدستور المستمد من كونه يؤسِّس فكرة القانون السائدة في الدولة، ويبيِّن الفلسفة أو الأيديولوجية التي يقوم عليها النظام القانوني المطبَّق سواءً من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، ويحدَّد السلطات العامة في الدولة (من تشريعية وتنفيذية وقضائية)، ويرسم لها وظائفها، ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرَّر الحريات والحقوق العامة، يُلزم تلك السلطات النزول عند قواعد الدستور ومبادئه، والتزام حدوده وقيوده، فإن هي خالفتهـا أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وكانت التصرفات الصادرة عنها بالمخالفة لأحكام الدستور وقواعده باطلة، أي مجردة من كل قيمة قانونية.