القوانين الأساسية.. القواعد القانونية ذات الطبيعة الدستورية أياً ما كان مصدرها، سواء تضمنتها الوثيقة الدستورية، أو نُظّمت بقوانين عادية، أو كان مصدرها العرف الدستوري

إن الوثيقة الدستورية تعد المصدر الأساسي للقواعد الدستورية في الدول ذات الدساتير المكتوبة.

غير أن نظام الحكم في أية دولة لا تحدده النصوص المكتوبة في الوثيقة الدستورية فقط، وإنما تشترك في هذا التحديد قواعد أساسية أخرى ذات طبيعة دستورية، ولكنها موجودة في قوانين عادية أو قواعد عرفية غير مدونة استقر العمل بها على مرّ الزمن.

وبعبارة أخرى، فإن وثيقة الدستور وإن كانت تتضمن أغلب القواعد الدستورية من حيث موضوعها، إلا أنها لا تتضمنها جميعاً.

فهناك بعض المسائل التي تعتبر دستورية بطبيعتها لاتصالها بنظام الحكم وبالسلطات العامة في الدولة، لكنها مع ذلك لا تجد مكانها بين نصوص الوثيقة الدستورية ذاتها، وإنما خارجها، سواء في قانون عادي صادر من البرلمان (مثل قوانين الانتخاب والقوانين المتعلقة بتنظيم السلطة القضائية في أغلب الدول)، أو في عرف دستوري نشأ بجوار الدستور المكتوب.

ولهذا وكما رأينا  فإن الفقه الدستوري في غالبيته قد هجر المعيار الشكلي في تعريف القانون الدستوري، وتبنَّى معياراً آخرَ غيره هو المعيار الموضوعي الذي يعتمد على مضمون أو جوهر القواعد القانونية، بصرف النظر عن الشكل أو الإجراءات المتبعة عند إصدارها.

ومن ثمَّ فقد اتسع نطاق القانون الدستوري وفقاً للمعيار الموضوعي، وأصبح يتضمن ﴿جميع القواعد القانونية ذات الطبيعة الدستورية أياً ما كان مصدرها، سواء تضمنتها الوثيقة الدستورية، أو نُظّمت بقوانين عادية، أو كان مصدرها العرف الدستوري﴾.

ويؤدي هذا المعيار إلى اعتبار الوثيقة الدستورية أحد مصادر قواعد القانون الدستوري، حيث يتعين على الباحث في مصادر هذا القانون التنقيب عن القواعد التي تتعلق بنظام الحكم في الأعراف الدستورية والقوانين العادية إلى جانب نصوص الوثيقة الدستورية.

وقد اصطلح الفقه الفرنسي على تسمية تلك القوانين العادية التي تصدرها السلطة التشريعية (والتي تعالج مسائل تعد دستورية بطبيعتها، لاتصالها بنظام الحكم من الناحية السياسية وبتنظيم سير السلطات العامة في الدولة) بـ ﴿Les lois organiques﴾.

ولم يُتفق على تسمية محدَّدة لها بعد في اللغة العربية.
فهي تسمَّى في الجمهورية الجزائرية ﴿القوانين العضوية﴾ أخذاً بالترجمة الحرفية للتعبير الفرنسي.
ويسمونها في كل من المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية ﴿القوانين التنظيمية﴾.
بينما يُطلق عليها في الجمهورية التونسية ﴿القوانين الأساسية﴾.

كما أن بعض الفقه الدستوري في جمهورية مصر العربية يميلون إلى التسمية الأخيرة، إلا أن المشرع المصري أطلق عليها  بعد التعديل الدستوري الذي جرى في 22 مايو/أيار عام 1980 اسماً جديداً هو ﴿القوانين المكملة للدستور﴾.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال