اللوازم والعدد الدينية في اليهودية: أدوات الإيمان اليومية
تُشكل مجموعة من اللوازم والعدد الدينية جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية لليهودي المتدين، إذ تُعتبر هذه الأدوات تذكيرًا مستمرًا بالوصايا الإلهية وتعزيزًا للارتباط الروحي. تتجاوز أهمية هذه الأدوات كونها مجرد أغراض مادية؛ فهي تحمل في طياتها معاني عميقة وتواريخ عريقة، وتُعد بمثابة جسور تربط الفرد بإيمانه وتقاليده العريقة.
المزوزاه (מזוזה): حارس عتبة البيت
تُعد المزوزاه (מזוזה) علامة مميزة لكل بيت يهودي، وهي أكثر من مجرد قطعة زخرفية. هي عبارة عن علبة صغيرة، غالبًا ما تكون مزخرفة، تحتوي بداخلها على رقّ (קְלָף) أو أقصوصة من الورق المخصص. يُكتب على هذا الرق بخط يد خطاط مدرب فقرتان من سفر التثنية (פרשות המקרא)، وهما "شماع إسرائيل" (اسمع يا إسرائيل) و"והיה אם שמוע" (وإذا سمعتم). هاتان الفقرتان تتحدثان عن وحدانية الله وضرورة محبته وطاعته، وعن جزاء الطاعة والعصيان.
تُثبت المزوزاه بشكل مائل على قائمة الباب اليمنى (right doorpost) لكل غرفة في المنزل (باستثناء الحمامات)، ويتم ذلك عادةً عند دخول المنزل الجديد. تُعتبر المزوزاه بمثابة حماية للمنزل وساكنيه، وتذكيرًا دائمًا بالحضور الإلهي والوصايا الإلهية عند الدخول والخروج. يُلامس الكثير من اليهود المزوزاه ويقبلون أصابعهم بعد لمسها كإشارة احترام وتذكر.
التفيلين (תפילין): رباط القلب والعقل
تُعد التفيلين (תפילין) من أهم اللوازم الدينية التي يستخدمها الرجال اليهود في صلوات الصباح اليومية (باستثناء يوم السبت والأعياد). تتكون التفيلين من صندوقين صغيرين مكعبين مصنوعين من جلد حيوان كوشير (علبتين)، يُعرفان بـ "بيت" (בית). يحتوي كل صندوق على أربع فقرات مكتوبة بخط اليد من التوراة (פרשות מהתורה)، وهي: "قادش لي" (قدس لي)، "وكان كيكونيك" (وإذا أخرجك)، "شماع إسرائيل" (اسمع يا إسرائيل)، و"והיה אם שמוע" (وإذا سمعتم). هذه الفقرات تُشدد على أهمية تذكر الوصايا الإلهية ووضعها في القلب والعقل.
يُربط أحد الصندوقين بقطعة من الجلد على الذراع اليسرى للمصلي (يديه اليسرى)، بحيث يكون قريبًا من القلب، بينما يُربط الصندوق الآخر على الرأس (رأس المصلي)، على الجبهة تحديدًا، مقابل الدماغ. يرمز التفيلين بذلك إلى إخضاع القلب والعقل لإرادة الله ووصاياه، وتوحيد الفكر والشعور في خدمة الخالق. تُعتبر عملية ربط التفيلين طقسًا روحانيًا عميقًا يتطلب تركيزًا وتأملًا.
الطاليت (טלית): رداء الصلاة المذكر بالفرائض
الطاليت (טלית) هو عبارة عن قطعة قماش (رداء) خاصة يرتديها اليهودي أثناء صلاته، وخاصة صلوات الصباح. عادة ما يكون الطاليت مصنوعًا من الصوف أو القطن، ويكون أبيض اللون، وفي كثير من الأحيان مزينًا بخطوط سوداء أو زرقاء. الغرض الأساسي من الطاليت هو كونه رداءً لتعليق خيوط الציצית (ציציות) عليه.
يُذكر التلمود أن الطاليت يمثل ثوبًا رمزيًا يُغطي المصلي ويُدخله في حالة من التركيز والتقوى أثناء الصلاة. عند ارتداء الطاليت، يُتلى دعاء خاص يُبارك الله على وصية الطاليت والציצית.
التزيتزيت (ציצית): تذكير دائم بالوصايا
التزيتزيت (ציצית) هي عبارة عن خيوط خاصة (خيوط من الكتان أو الصوف) تُربط بطريقة معينة في الأركان الأربعة (أربعة أطرافها) من الطاليت. تُذكر هذه الخيوط اليهودي بالوصايا الـ 613 (الفرائض) الموجودة في التوراة، كما جاء في سفر العدد (15: 37-41): "أن يصنعوا لهم أهدابًا على أطراف ثيابهم في أجيالهم، ويجعلون على هدب الطرف خيطًا من الإسمانجوني... لكي ترون وتذكرون كل وصايا الرب وتعملونها، ولا تتجسسون وراء قلوبكم ووراء عيونكم التي أنتم زانون وراءها. لكي تذكروا وتعملوا كل وصاياي وتكونوا قديسين لإلهكم".
تُعد الציצית بمثابة تذكير بصري وملموس لليهودي بالالتزام بالوصايا الإلهية في كل وقت، سواء أثناء الصلاة أو في حياته اليومية. يختلف عدد العقد واللفات في خيوط الציצית حسب التقاليد اليهودية المختلفة، ولكن الهدف الأساسي يبقى واحدًا: تذكير الفرد بواجبه تجاه الله ووصاياه.