إذا كان الناس في عصرنا، عصر الدول والحكومات، يخرقون الأنظمة، ويتطاولون على القوانين، فقد أدركت الصفوة المثقفة الواعية في المجتمع الجاهلي، أن يكون بينهم مَنْ لديه استعداد لخرق ذلك العرف الاجتماعي الذي ينظر إلى هذه المثل نظرة تقديس، فأنزلوا بهؤلاء عقابا جعلهم هزأة مدى الدهر.
ولقد بلغ من كراهية العربي لهؤلاء الذين يغدرون، وينقضون المواثيق، ولا يوفون بالعهود أن يشهروا بهم في سوق عكاظ، فيرفعون لهم ألوية ليعرفهم الناس بغدرهم، فلا يعاملونهم، ويكون هذا تأديبا لهم، عظة لسواهم.
وسماها ابن سعيد "نار العار"، توقد بمنى أيام الحج على أحد الأخشبين، جبلي مكة: أبي قبيس، وقيقعان، فإذا استعرت صاح موقدها: هذه غدرة فلان، ليحذره الناس.
واستمع إلى صوت الحادرة، وهو يتحدى صاحبته سمية، أن تذكر موقفا واحدا غدر فيه الذبيانيون، ورفع لهم لواء الغدر في عكاظ:
أسمي ويحك هل سمعت بغدرة -- رفع اللواء لنا بها في مجمع
التسميات
قيم إنسانية في الشعر الجاهلي