حركة البطل من البيت إلى الشارع، من مستشفى مصطفى باشا إلى الشارع محمد الخامس ثم إلى البيت.
ترسم خط سير حياته الدائم، وتشكل عالمه الداخلي، وتقيم علاقاته المختلفة مع الأشياء الواقعة في العالم الخارجي ثم تجسد بالتالي أزمة الاغتراب واللامغى والعبث التي تسيطر على عالم البطل النفسي كما يفرضها العالم الخارجي المحيط به.
ففي رحلته إلى الشارع يرصد العالم الخارجي. ثم يرتد إلى الذاكرة -الارتداد- والاسترجاع، أو طريقة تيار الوعي وهكذا يقول (خلت نفسي في قرية كبيرة.
المدينة صارت ريفاً.
كم كنت أودّ أن أنزلق إلى حانة.
لكنها كانت موصدة.
عند بابها كومة من الأزبال.
ورجل يبحث بين أكياس الزبالة عن دفء ما.
عندما رفعت رأسي. كان البحر قد اختفى ولم تبق إلا الأنوار الملونة للسفن الراسية في زوايا بعيدة).
وهكذا يسجل البطل ويرصد ما يشاهد في الشوارع دون انفعال.
وكأن لا وقت لديه للانفعال أو للمشاركة أو للحزن.
إنه يمر على إيقاع منظر مزبلة التي شوهت حقيقة الإنسان في عالم يموج بالعبث والموت البطيء.
إن تجواب البطل في شوارع المدينة وأزقتها، والوقت الذي يقضيه صامتاً في البيت قبل النوم، قد أفسح المجال له لينتقل عبر أزمنة وأمكنة وأحداث كثيرة ومختلفة تقبع في مخّيلته وتعيش في أعماقه، يسترجعها في أوقات الصمت والتأمل والذهول.
فبعد أن يقضي وقتاً طويلاً سارحاً في شوارع المدينة، يذهب إلى بيت مريم وقد انفصلت عن زوجها، ثم يرصد المصير المؤلم الذي آلت إليه مريم، ثم يحادثها عن ماضيها الدافئ في عالم الأوبرا.
وهكذا تتدفق أصوات الماضي والحاضر وذكريات في ذهن البطل حتى يأوي إلى فراشه بانتظار غد جديد، واغتراب جديد.
التسميات
باك ج