إيقاع السجن النفسي والسجن الخارجي (المجتمع) في رواية سيدة المقام لواسيني الأعرج

يعتمد على علاقة البطل مع العالم المحيط به، ويجسد رحلة المعاناة الداخلية التي تفرضها عليه ظروفه الحاضرة (بنو كلبون) و (حراس النوايا) ويرسم بالتالي هذا الإيقاع جزئيات الأزمة التي يعيشها البطل في عالمه النفسي الممزق.

فالبطل يأمل لدى خروجه إلى الشارع المجتمع الجزائري. أن يتخلص من آلام الاغتراب والمعاناة، والموت في الحياة (أريد أن أتحرر من هذه الذاكرة المثقلة بالحنين والأوجاع).

لكن في الشارع، في المدينة، في وطنه لا يجد مكاناً يأوي إليه، أو أحداً يعترف به فينقلب الأمل يأساً والعالم الخارجي سجناً ثانياً، ثم يعود مكرها مرة أخرى إلى سجنه الداخلي.

(تصوّري يا مريم يا محنة الغريب الأوحد المتوحّد بظله الذي لا يمتلك إلا جسده المكسور، والجسد لا يسعفه دائماً.

تصوّري ما معنى أن تقطع علاقاتك بالريح والنباتات، والصرخات، والعمل. ما معنى أنك فقدت الأمل ويئست من معرفة سر الكلمات).
يعيش البطل في السجن الخارجي لحظات فراغ ويشهد عالماً غريباً مذهلاً (حراس النوايا ينتشرون في المدينة مثل رمال رياح الجنوب الساخنة. إنهم لا يأتون إلا عندما تخسر المدينة سحرها. مدينة ساحلية كانت تتعشق الألوان ووقوقات النوارس البيضاء صحّرها. بنوكليون ويجهز عليها حراس النوايا. نتشممهم من بعيد المعابر والطرقات).

وبالتالي يعود إلى ما وراء قضبان ذاته ليتساءل (من أين يأتي هذا الحزن المسحور؟ من أين ينفد هذا السر؟ من أين تأتي رائحة الموت والكآبة؟ سأعود إلى وحدتي المحزنة).

إن البطل يبحث عن لحظة الحلم التي كان يحلم دائماً بها، ويفتش في داخله عن شعور غير عادي، فرح أو بهجة أو انفعال ما.

فلا يجد شيئاً يقول (لي الكثير من الحب لكل ما يحيط بي. لكنهم قتلوا ويقتلونه بالتقسيط. أنا كذلك أحب وطني وأحزن عندما يحزن وطني. لكن في أحيان كثيرة أشعر بأني بلا وطن على الإطلاق).
أحدث أقدم

نموذج الاتصال