الصعوبات اللغوية عند التلاميذ.. إجبار المتعلم على اكتساب العلم خارج لغته يعني إكراهه على إبداء مجهود مضاعف

إن الصعوبات اللغوية التي يعاني منها التلاميذ على مستوى الروض أو على مستوى السنة الأولى أساسي، وكذا صعوبات تعلم القراءة، لا يتم الكشف عنها دائما ومعرفتها في الوقت المناسب.
بل يظل التلميذ المغربي يراكمها طيلة حياته المدرسية إلى أن ينتقل إلى الجامعة.

حيث تجده الباحثة رشيدة الزاوي قد انتقل إلى مرحلة عالية ،لكن، لن ينقل معه أي اكتساب لمهارات في القراءة والكتابة والاستماع، فلا هو يقرأ قراءة جهرية معبرة، ولا هو يحسن استخلاص معاني ما يقرأ، ولا هو يستطيع التغلغل في ما وراء الكلمات والعبارات... ولا يكتب وفقا لقواعد اللغة، فهو كثير الأخطاء الإملائية والنحوية والصرفية، فلا يحترم علامات الترقيم أو تسلسل الأفكار وفق نسق منطقي، وهو إذا استمع لا يحسن استنتاج وتركيب مضمون ما يسمعه، أو قد نجده منكبا على نسخ ما يسمعه بالحرف...

و هذه الأخطاء اللغوية... يرجعها ذ. بوشوك إلى تأثر اللغة الهدف (العربية الفصحى) بالغات الأخرى التي تزاحمها كاللغة الدارجة والأمازيغية اللتين تزاحمان العربية الفصحى في المغرب و تخلقان عدة عراقيل أمام تمنكن التلاميذ منها.

أما على المستوى المعرفي والسيكو اجتماعي فإن إجبار المتعلم على اكتساب العلم خارج لغته يعني إكراهه على إبداء مجهود مضاعف، فعلى المستوى المعرفي فإنه مضطر لإتقان لغة (أجنبية) يعتبرها هي اللغة الموضوعية لاكتساب العلم، مما سينجم عنه طرح مُكتسبه اللَّسني الذي سينظر إليه كتحفة جامدة لا تتجاوز وظيفتها حدود التخاطب مع جماعته، أما الوجه السيكو اجتماعي فيتجلى في خلق انفصال حاد في ذهنية التلميذ بين معنى علم و قيمته الاجتماعية.

أما على مستوى القيم فإنه لا يمكن تمثل معناها ومحتوياتها السلوكية إذا لم تكن اللغة الأم هي المصدر الأصلي الذي نستلهم منه خطابنا التربوي، بحيث أن أي انفصال عن هذه اللغة أو أي سوء استعمال لرأسمالها الرمزي والدلالي لا نجني منه سوى كائنات ذات معالم حضارية مشوهة.

ودون حذر منهجي يمكن الجزم والقطع بأن التلميذ / الطالب ليس مسؤولا عن هذا الوضع إذا استحضرنا أن الطفل قبل ولوجه المدرسة يتمكن من امتلاك نسق لغوي معقد تعقد النسق الفصيح ذاته (نعني به العربية الدارجة – الأمازيغية بتفريعاتها ) ويمكِّنه من التواصل والتعبير والإبداع دون أية مشاكل، وذلك كله بالسليقة؛ أي دون أدنى تدخل بيداغوجي أو استراتيجية أو تخطيط مسبق... ودون أن نستعير الجهاز المفاهمي للنظرية التوليدية / التحويلية يمكن أن نجزم بأن الطفل قادر على اكتساب أي نسق لغوي، الشيء الذي يجعلنا نؤكد على أن هذا التعثر الذي يصيب المتعلم و الطالب المغربي خارج عن ذاتيهما، وأنه ينبغي توجيه البحث إلى أشياء أخرى، وتجنّب الارتكان الكسول إلى الإجابات الجاهزة والنمطية.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال