القطاع الخاص والقطاع العام كيلا يختنقا يجب أن ينتظما بصورة متطابقة.. تطوير الماضي الذي أصبح عصياً على الانقياد وتهييء المستقبل

كانت منظمات الموجة الثانية تزيد - على نفسها مع الزمن- تراكم الوظائف، وتسمن أكثر فأكثر، لكن منظمات الموجة الثالثة، بدلاً من أن تضيف إلى عملها وظائف جديدة، سعى منها أو تختزلها لكي تبقى رقيقة. وبحكم ذلك فإنها تتجاوز الدنياصورات، عندما نقترب من العهد الجليدي.

إن منظمات الموجة الثانية تجد بعض الصعوبة، في كبح ميلها إلى الدمج العمودي integration verticle أي الفكرة القائلة: إذا شئنا صنع سيارة، فيجب أن تستخلص فلزات الحديد، وحمله إلى مصانع الصلب، وإنتاج الصلب، ثم نقله إلى مصنع السيارات.

وبالمقابل فإن شركات الموجة الثالثة تختزل أكبر عدد من المهام الممكنة، وتدعها أحياناً كثيرة: لأيدي شركات أكثر اختصاصاً وتعتمد على تقانات قادرة على العمل بسرعة، وبسعر أرخص، وفي النهاية، نجد الشركة قد أفرغت عمداً من رجالها وأن الأشخاص ردّوا إلى الحد الأدنى، والمهام منفذّة في أمكنة متناثرة، وأن المنظمة نفسها أصبحت تبعاً لكلمة أوليفيه ويليامسون (من بركليه) "عُشَّ عُقود" وهذه المنظمات الصغرى، اللامرئية جزئياً، على ما يشرحه لنا شارل هاندي Carles  Handy من شركة London Business Scool  تصبح منذ الآن "ركائز عالمنا".

ويضيف  هاندي قائلاً: إن لعبتٌ  أن يريد بعضنا ألا يعمل  مباشرة من أجلها. ذلك أننا ستبيعها خدماتنا، وستتعلق ثروة شركاتنا بها  وليس هاندي وويليامسون بالوحيدين اللذين يصفان هذا النوع الجديد جذرياً من التنظيم "المتخيل" الذي تجعله تقانات الإعلام والاتصال ممكناً في عهد الموجة الثالثة.

وقدّمت هيدي توفلر، الشريكة في تأليف هذا الكتاب والكتب الأخرى التي استمد منها هذا الكتاب، تلك الفكرة الهامة، فكرة المطابقة Congwenu وخلاصتها أن على القطاع الخاص والقطاع العام، كيلا يختنقا يجب أن ينتظما بصورة متطابقة. فالقطاع الخاص، محمول اليوم بطائرة أسرع من الصوت، على حين أن القطاع العام لم يفرغ بعد حمولته في مدخل المطار.

أفنقيم سياسة، أو برنامجاً؟
اسأل من هو الذي عليه أن ينفذها أو ينفذه- أهم عموديون أم المضمرون؟ والجواب هو الذي سيقدّم قرينة تسمح بالحكم عما إذا كان الحل المتصور يمضي فقط باتجاه تطوير الماضي الذي أصبح عصياً على الانقياد أم أنه يهيء المستقبل.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال