السيرة الذاتية والشباب.. الكتابة عن مرحلة الاختيارات الصعبة والتشكك الكبير وإعطاؤهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم ومواجهتها

غالبا ما يعتقد أن كتابة الذاكرة هي نشاط مقتصر على من "لديه  الكثير منها" بحكم السن!

بالتأكيد من عاش كثيرا وقام بالعديد من المغامرات  يستطيع أن يؤلف الكتب التي سوف يحب قراءتها الكثيرين.

إحدى أجمل السير الذاتية التي نشرت خلال السنوات العشر الأخيرة هي ما كتب نلسون مانديلا "الطريق نحو الحرية" الذي يقع في حوالي ستمائة صفحة.

من الواضح أن السير الذاتية هي قصص مروية علي مدار سنوات من التاريخ و الأحداث العالمية.

مثل كتاب السيرة الرائع الذي يحمل العنوان "سبع سنوات في التبت"، تحولت القصة إلي فلم سينمائي من بطولة براد بت.

هنا أيضا هي قصة فرد نتابع من خلالها أحداث بعيدة ومنسية كاحتلال التبت من قبل الصين (عشرات من سنوات الاحتلال التي لم تنتهي حتي اليوم).

كل هذا لا يعني أن الأجداد هم فقط من يملك الحق في كتابة قصصهم! علي العكس وكما ذكرت سابقا فان السيرة الذاتية تسخدم كنشاط مدرسي، في المدارس من مختلف المستويات حني الابتدائية و بشكل خاص للشباب يوصي بالاستفادة من السيرة (المدرسين يقومون بشحن هذا النشاط و خاصة اؤلئك الذين يقدمون المواد الأدبية).

مرحلة المراهقة ربما هي الأصعب في مسار تطور الإنسان. هي مرحلة الاختيارات الصعبة و التشكك الكبير.

هي المرحلة التي يجب أن يبدأ بها وليد الإنسان في الانفصال عن نواة العائلة ليشق طريقا مستقلة.

هذا من الصعب أن  يتحقق بهدوء وخاصة  الشباب الذين يعيشون ضمن بيئات اجتماعية صعبة (الأحياء الفقيرة في المدن الكبيرة حيث نسبة البطالة المرتفعة) أو في عائلات تعاني من مشاكل متنوعة اقتصادية ثقافية أو تعيش حزنا عميقا لسبب ما....الخ.

وعلى هذا فان العمل مع الشباب من خلال كتابة السيرة الذاتية (سواء كان في المدارس أو مراكز التسلية المنتشرة في الأحياء) يعني إعطائهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم ومواجهتها للدخول في تلك الرحلة إلي عا لمهم الداخلي لمساعدتهم في طرح الأسئلة، التحليل، البحث عن إجابات و في النهاية بعد تعب للوصول إلي الخلاصة  التي يرونها مناسبة.

الجواب بالطبع سيكون من صنع أنفسهم . لا احد يستطيع أن يفرض عليهم أو أن يعتقد انه  يعرف أفضل منهم الحل لمشاكلهم أو الطريق التي يختارونها لحياتهم  سواء كان مدرسا، مربيا، أبا، أما، صديقا....الخ.

إن دور المربي (مدرس، الآباء) يتلخص بالمربية التي تساعد الشاب في" ميلاد الطفل الذي بداخلة": أفكاره، أحلامه، ومتابعتة علي  ألمدي البعيد.
هذا هو دور المربي الذي يستند بنشاطه علي الحرية.

أي لا يفرض طريقا و لكنه يساعد علي أن يتابع كل شخص الطريق التي يرتئيها لنفسه حتى لو كان هناك بعض الألم أو الانعزال ويجب قبول فكرة أن الشاب الذي يحاولون مساعدته لايستجيب لتوقعاتهم بالمقارنة مع آخرين.

كم من المرات يجد الآباء أن الأبناء لديهم اختيارات حياة مخالفة لما يتمنون لهم!.

إذا أردنا السعادة لشخص ما علينا أن نساعده في متابعة الطريق الذي يرسمه لنفسه و ليس ما نرغب له.

نسمع في الكثير من الحالات عن أناس بلغوا الأربعين أو الخمسين من العمر ولا يزالوا يحملون في أنفسهم الندم والمرارة من أنهم لم ينجروا أشياء كانوا يودون لو يستطيعوا تحقيقها أو لان العائلة أجبرتهم في مرحلة ما من حياتهم علي اختيارات مختلفة عما كانوا يريدون، ربما كان ذلك بإجبارهم علي التسجيل في تخصص معين دون غيره حيث كان لهدا نتائج علي كل مجري حياتهم فيما بعد أو نهم اجبروا علي رحلة أو إجازة مع الأصدقاء....الخ.

إن الضغط العائلي والاجتماعي من الممكن أن يكون متنوعا لكنه الأكثر ضررا علي ما تبقي من حياة الفرد.

إن مساعدة الشباب على النظر إلى ما بداخلهم يعني مساعدتهم علي البحث في عالم تتعدد فيه الاختيارات الممكنة و تصبح متغايرة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال