قيمة التراجيدي.. التراجيديا هي كلُّ ما يثير فينا الشـفقة والحزن تطهّر الكاتب حين يبدعها والمتلقي حين يشاهدها

ما هي التراجيديا؟

التراجيديا، كما أكّد "أرسطو" هي كلُّ ما يثير فينا الشـفقة والحزن.
وقد اعتبر، حينها، أن المسرحية التراجيدية تشكّل ضرورة هامة للناس؛ لأنها تطهّر الكاتب حين يبدعها، والمتلقي حين يشاهدها، أو يتلقاها بصيغة معينة، وبخاصة إذا تقاطعت مع جوانب من مشكلاته المكبوتة.

و"التراجيدي" مصطلح جمالي مبنيّ - من حيث المفهوم المجرّد - على كلّ ما له علاقة بالمأساة.
ويقابله المأساوي، أو المأسوي.
وهو يشكّل، بعد تحوّله من المفهوم إلى القيمة، أحدَ الموضوعات الأثيرية التي تستهوي المبدعين.
لذلك فالتراجيدي يعتبر من أبرز موضوعات الإبداع الأساسية إلى جانب الجميل والقبيح والكوميدي والجليل.

أسباب حضور التراجيديا في العمل الفني:

وللحضور التراجيدي المميّز في العمل الفني أسباب كثيرة، أبرزها اثنان:
1- يتمثّل الأول في موت الجميل الذي يولِّد، غالباً، شعوراً مأساويّاً بمستوى معيّن لدى المبدع الذي يجسّده في عمله الفني تعبيراً أو تصويراً.
2- ويتمثّل السبب الثاني في عدم الانسجام بين "المَثَل الأعلى" الذي يرغب الإنسـان في تحقيقه، وبين محيطه الاجتماعي والثقافي.
أي الشعور الذي يتولّد لدى المبدع حين تُقيّدُ طموحاته، وآماله لأسباب معينة، أو تنكسر.
وهذا يولّد غالباً إحساساً عميقاً بالحزن، أو بخيبة الأمل.
لذلك فالتراجيدي، في الفن، قيمة جمالية تعني التعبير عن المأساة بسبب انعكاس حـدث معيّن على المبـدع يُجسّـده عادة عبر الصـورة الفنية، أو بوسائل أخرى.

مستويات دراسة التراجيديا في علم الجمال:

و"علم الجمال" يتناول التراجيدي بوصفه مفهوماً جمالياً حُوِّل إلى قيمة في العمل الإبداعي.
وهو لذلك يدرس التراجيديا في الفن عبر مستويين:
1- قيمة التراجيدي التي تحوّلت من الفكرة المجرّدة إلى الإحساس الذاتي المصاغ صياغة فنية، وملامحها، وعلاقتها بالقيم الأخرى من حيث المساحة والمجاورة والبنية ونمط التفاعل.
2- الشكل الفني الذي جسّد المبدعُ موضوعَه فيه، ومدى انعكاس المحتوى التراجيدي وتغلغله ضمن هذا الشكل الفني عبـر الموسيقى والإيقاع، والمفردة، والصــورة الفنية، والمنـاخ.
فإذا حدث مثلُ هذا التعالق فغالباً ما يكون المبدع موفّقاً.