ثمة مفارقة أساسية تلازم الحديث عن الميتامسرح، ذلك أن هذا المصطلح الحديث الذي يعود ظهوره إلى بداية العقد السادس من هذا القرن في النقد الأنجلو- أمريكي، يعبر - في واقع الأمر - عن ظاهرة قديمة تضرب بجذورها في عمق التاريخ المسرحي، بحيث يمكن اعتبار مسرحية "الضفادع" لأرسطوفان إحدى أبرز التجليات الأولى لها.
والمثير في الاهتمام الحديث بهذه الظاهرة، علاوة على الصيغة المصطلحية، هو اختلاف زوايا النظر إليها، إذ في الوقت الذي ارتفع بها البعض إلى التعبير عن رؤية للعالم تعكس تصور المسرحي عن الإنسان والأشياء، جعلها البعض الآخر ظاهرة نصية ذات مستويات موضوعاتية أو تناصية.
وفي الوقت الذي عدها البعض ظاهرة عرفت إرهاصاتها في المسرح اليوناني كما عرفت توهجا في إطار مدارس مسرحية أو أنواع درامية أو عصور أدبية معينة (مثل المحاكاة الساخرة الرومانسية في القرن الثامن عشر)، وتراجعت - بشكل قسري - في إطار المسرح الواقعي للقرن التاسع عشر؛ أكد البعض الآخر أن مصطلح "ميتامسرح" يطلق، في الحقيقة، على المظهر الحداثي للظاهرة المسرحية التي أفرزها الواقع المعاصر، هذا الواقع الذي فرضت أحداثه وتصورات مبدعيه عن هذه الأحداث "موت التراجيديا" وإحلال الميتامسرح محلها.
وللوقوف عن كثب عند هذه المنظورات، نرى ضرورة استعراض تعريفات أصحابها وإبراز الخلفيات النظرية المتحكمة فيها، وذلك كخطوة أولى نحو صياغة منظورنا التركيبي حول الظاهرة الذي يرى ضرورة ربطها بثلاثة عناصر أساسية هي:
1- صيرورة المسرح.
2- بنية النوع الدرامي.
3- سيرورة الإنتاج النصي ووظائفه المختلفة.
التسميات
تجويف ميتامسرحي