عندما أكد سارتر في التقديم الذي كتبه لرواية ناتالي ساروت "صورة مجهول Portrait d’un inconnu "(1948)، لأن هذا العمل وأمثاله يؤشرون على أننا نعيش "عصر التأمل"، لم يكن قصده أن المراحل السابقة في حياة الفكر والأدب كانت خالية من التفكير، وإنما أراد أن يقول إن "التأملية" كنزعة فلسفية أصبحت طابعا مميزا لكل أشكال التعبير بما في ذلك الأدب عموما، والرواية بالخصوص، في العصر الحالي.
والملاحظ أن علاقة التجويف بالتأملية علاقة لا تقبل الجدل. فالتأملية - كما تؤكد ذلك المعاجم الفلسفية - هي "عودة الفكر إلى حالاته وأفعاله".
وهي عودة تتخذ، سيكولوجيا، مظهر الاستبطان أو الملاحظة الداخلية التي تفترض نوعا من "الانفصال" بين الوعي وذاته".
لذا، يمكن القول إن التجويف هو الصياغة الأدبية للتأملية، بحيث تصبح في النص عبارة عن ملفوظ يتخذ الملفوظ أو التلفظ أو السنن، موضوعا للتأمل.
ويمكن أن تشتغل التأملية، دلاليا، في علاقتها بالنص من خلال مستويين: الأول دلالي، حيث يدل الملفوظ التأملي شأنه شأن ملفوظات النص، والثاني ميتادلالي لا سيما وأن النص يصبح بمثابة موضوعة له.
لذا، فإن العلاقة القائمة بين الملفوظ التأملي ومظاهر النص هي علاقة مضاعفةDédoublement.
والتأمليــة ليسـت مظهـرا متجانسـا فـي كـل الأعمـال الأدبيـة، ذلـك أن الاختلاف وارد على مستوى درجة التأمل، لاسيما وأننا نجد مبدعا يكشف عن عملية الخلق الأدبي ويجعلها منفتحة بشكل كبير على متلقيها ويعمل بذلك على خلق قارئ جديد.
في حين أن مبدعا آخر قد يتحفظ قليلا وتصبح نزعته التأملية مشوبة بنوع من التمويه.