مفهوم الصورة الشعرية.. المساعدة على اكتمال الخصائص الفنية في الفن والأعمال الأدبية



إنَّ الدارس للأدب العربي القديم لا يعثر على تعبير الصورة الشعرية في التراث الأدبي بالمفهوم المتداول الآن، وإن كان شعرنا القديم لا يخلو من ضروب التصوير لأن الدرس النقدي العربي كان يحصر التصوير في مجالات البلاغة المختلفة كالمجاز والتشبيه والاستعارة.

أما الصورة الشعرية -كمصطلح نقدي- الذي يُعنى بجماليات النص الأدبي قد دخل النقد العربي في العصر الحديث تأثرا بالدراسات الأدبية الغربية، ومسايرة لحركة التأثير والتأثر التي عرفتها الآداب العالمية فالأدب العربي وهو يتطور في حركية دائبة نحو الكمال، أخذ بقدر ما أعطى، وهذا ليس عيبا بقدر ما هو سعيٌ نحو المعاصرة ومحافظة على الأصالة و التميز.

لقد ركزت أكثر التعريفات النقدية للصورة على وظيفتها ومجـال عملهـا في الأدب، ويلاحـظ الأستاذ "الدكتور أحمد علي دهمان" أن (مفهوم الصورة الشعرية ليس من المفاهيم البسيطة السريعة التحديد، وإنما هناك عدد من العوامل التي تدخل في تحديد طبيعتها: كالتجربة والشعور والفكر والمجاز والإدراك والتشابه والدقة... فهي من القضايا النقدية الصعبة، ولأن دراستها (الصورة) لا بد أن تُوقِع الدارس في مزالق العناية بالشكل أو بدور الخيال أو بدور موسيقى الشعر كما هو في المدارس الأدبية) (1).

فالصورة عند  "أحمد علي دهمان" مركبة و معقدة و تستعصي على الدارس.
وللوقوف على مفهوم الصورة الشعرية وأهم عناصرها التركيبية، بودي أن أتتبع تعريفاتها عند القدماء مرورا بالمحدثين الغربيين ثم المحدثين العرب.

لقد ظهر الاهتمام بالصورة في الدرس الأدبي عموما، والشعر خصوصا، منذ حركة الترجمة التي عرفها الفكر العربي عن الفلسفة اليونانية، ومدى الاحتكاك الحادث بين الحضارتين الغربية والعربية.

 (فإذا كان الاهتمام بالصورة أصيلا بالنظر إلى الإبداع الأدبي وتحليله، فقد رأينا أن الاصطلاح قديم كذلك، يتردد في المصنفات النقدية, وإِنْ برُؤَى تتقارب حينا، وتتباعد حينا آخر، فهو ليس جديدا ولا يخفى أن التذوق الجمالي منذ أن كان الشعر في المجتمعات القديمة كان مصدره الصورة التي تساعد على اكتمال الخصائص الفنية في الفن والأعمال الأدبية (2).

(1)- أحمد علي دهمان: الصورة البلاغية عند عبد القاهر الجرجاني منهجا و تطبيقا - دار طلاس للدراسات و الترجمة والنشر - دمشق - ط1-1986 - ص269- 270.
(2)- فايز الداية: جماليات الأسلوب - الصورة الفنية في الأدب العربي - دار الفكر المعاصر - بيروت - ط2- 1996- ص 15.