النزعة التاريخية والأدب القومي.. تجاوز معظم الظواهر الأدبية حدود الأدب القومي الواحد

إن الأساس النظري لدراسات التأثير قد تداعى نتيجة ما وجّه إليه من نقد.
فالنزعة التاريخية التي بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر قد انحسرت، وكذلك أفل نجم الفلسفة الوضعية.

وهكذا اتضح أنّ كتابة تاريخ الأدب القومي مسألة تنطوي على إشكالية كبيرة، وذلك لعدة أسباب، منها أنّ مفهوم "الأدب القومي" نفسه مفهوم إشكالي وخلافي.

ما هو الأدب القومي؟
أهو مجموع ما كتب بلغة واحدة من أعمال أدبية؟

ولكن هناك كيانات قومية متعددة يكتب أبناؤها بلغة واحدة، كالإنكليزية والفرنسية.

فهل تشكّل آداب كلّ من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا ونيوزيلاندا وايرلاندا أدباً قومياً واحداً؟

وهل تشكل آداب فرنسا والكانتون الناطق بالفرنسية من سويسرا ومقاطعة كوبيك الكندية وبعض الأقطار الإفريقية الناطقة بالفرنسية أدباً قومياً واحداً؟

وهل يمكن اعتبار آداب إسبانيا ومعظم أقطار أمريكا الجنوبية أدباً قومياً واحداً؟

وبالمقابل هناك كيانات قومية تسود فيها تعددية لغوية.
ففي سويسرا يكتب الأدباء بثلاث لغات، هي الألمانية والفرنسية والإيطالية.

فهل نتحدث عن أدب قومي أم عن آداب قومية سويسرية؟

والشيء نفسه يمكن أن يقال عن كندا والعراق والهند وأقطار كثيرة، تشكل من الناحية السياسية كيانات قومية، ولكنها تستخدم لغات متعددة في كتابة الأدب.

وأخيراً لابد من التساؤل: ألا تتجاوز معظم الظواهر الأدبية حدود الأدب القومي الواحد؟
هل تقتصر الأجناس والتيارات والمدارس الأدبية على أدب قومي دون سواه؟

إذا كان الجواب بالنفي، فما معنى الحديث عن "أدب قومي"؟
وضمن أية حدود وقيود يمكن أن يستخدم هذا المفهوم؟
أحدث أقدم

نموذج الاتصال