مفهوم ونشأة نظرية التحول السكاني.. التحول التاريخي في معدلات الولادات والوفيات من مستويات عالية إلى مستويات منخفضة



تمثلت معظم الآراء النظرية السابق مناقشتها في جهود علماء الاجتماع في فهم الظواهر السكانية من خلال تطبيق نظرياتهم الاجتماعية على السكان، وبالتالي لا نستطيع أن نقول أنها نظريات خاصة بعلم اجتماع السكان.

وكما سبق ذكره فما زال علم اجتماع السكان يفتقر إلى وجود نظريات حديثة خاصة به، لذلك فعلى الرغم من أن ما سبق عرضه لا يعتبر حديثا إلا انه يوضح التصورات النظرية لعلماء الاجتماع في تفسير الظواهر السكانية، أن الكتابات المشتغلون حديثا في هذا العلم لا تكون بناءً متماسكاً موحداً أو نظرية مسبقة بقدر ما يمثل مجموعة أفكار وقضايا نظرية مختلفة.

فعلم الاجتماع يفتقر لوقتنا الحاضر إلى الإطار المرجعي الموحد الذي فيه يجمع مختلف القضايا الاستقرائية والامبريقية عن المتغيرات السكانية والاجتماعية، والتي يمكن اعتبارها نظرية ديموغرافية اجتماعية.

ويمكن أن نستثني من ذلك نظرية التحول الديموغرافي (الانتقال الديموغرافي) Demographic Transition Theory وهي من أكثر النظريات السكانية حداثة وشيوعا واستخداما في الدراسات السكانية، ويعود السبب لذلك أن هذه النظرية تعطي في طياتها إطارا نظرياً يساعد على فهم اتجاهات السكان والتغيرات السكانية في العالم.

ولقد ظهر هذا التصور النظري في بداية القرن العشرين مسلطا الضوء في محتواه إلى أبعاد معدلات المواليد والوفيات على السكان، وعلى التركيب الفئوي للهرم السكاني في المجتمعات فضلا عن التركيب النوعي فيها.

وتسمى نظرية التحول الديموغرافي بنظرية الانتقال الديموغرافي، ويعني التحول التاريخي في معدلات الولادات والوفيات من مستويات عالية إلى مستويات منخفضة، وهو يسبق انخفاض الوفيات وانخفاض الولادات مما ينجز عنه نمو سريع يسمى (نموا انتقاليا) وهو اشد من النمو قبل الانتقال وبعده.

 ويعود أصل مفهوم الانتقال الديموغرافي إلى العالم الديموغرافي الفرنسي (أدولف لاندريه 1934)، لكن صياغته المتكاملة وضعها الاقتصادي الأمريكي (نوتستاين 1945).

ويقسم (نوتيستاين) الانتقال الديموغرافي إلى ثلاثة أطوار متمايزة بحسب تسلسلها التاريخي وهي على النحو التالي :النظام التقليدي (ما قبل الانتقال)، ومرحلة الانتقال، والنظام العصري (ما بعد الانتقال).