خصائص الفشل في التسيير: مظاهر، أسباب، وتأثيرات سلبية
يُعدّ التسيير الفعال حجر الزاوية في نجاح أي مؤسسة أو منظمة، سواء كانت تعليمية، إدارية، أو تجارية. وعندما يفتقر المسؤول عن التسيير إلى الكفاءة أو المقومات الأساسية، تظهر مجموعة من الخصائص السلبية التي تُعيق تحقيق الأهداف، وتُضعف الأداء العام، وتُولد بيئة عمل غير صحية. هذه الخصائص لا تُشكل مجرد عيوب فردية، بل تُترجم إلى مشكلات هيكلية تؤثر على جميع المستويات داخل المنظمة.
ضعف القدرة والكفاءة في التسيير:
السمة الأساسية للفشل في التسيير هي ضعف القدرة على التسيير بشكل عام. هذا يتجلى في عدة جوانب:
- ضعف الكفاءة التربوية (في السياق التعليمي): إذا كان التسيير يتعلق بمؤسسة تربوية، فإن ضعف الكفاءة في هذا المجال يعني عدم فهم عميق للمبادئ التربوية الحديثة، أو لأساليب التعليم والتعلم الفعالة، أو لاحتياجات التلاميذ والمدرسين. هذا يؤدي إلى قرارات إدارية لا تُسهم في تحسين جودة التعليم.
- التهور في اتخاذ القرارات: يُشير إلى افتقار المسير إلى التفكير المنظم، أو التحليل الجيد للمعلومات، أو تقدير العواقب المحتملة. القرارات المتسرعة وغير المدروسة غالبًا ما تُؤدي إلى أخطاء مُكلفة وتُفقد الثقة في القيادة.
- الارتجالية والفوضى: يفتقر المسير الفاشل إلى التخطيط المسبق والتنظيم. يُدار العمل بشكل عشوائي، دون رؤية واضحة أو أهداف محددة، مما يُسبب الارتباك ويُقلل من الإنتاجية.
السمات الشخصية والسلوكية السلبية:
تُسهم بعض السمات الشخصية والسلوكية للمسير في الفشل الذريع:
- ضعف الشخصية وعدم اتزانها: المسير غير الواثق من نفسه أو الذي تتأرجح شخصيته بين المواقف المختلفة يفقد القدرة على فرض الاحترام واتخاذ مواقف حازمة. هذا يؤثر على انضباط الفريق وثقته في القيادة.
- التهرب من المسؤولية (اللامبالاة والأنانية): يميل المسير الفاشل إلى تجنب تحمل العواقب المترتبة على أخطائه، أو يُلقي اللوم على الآخرين. تُظهر اللامبالاة تجاه قضايا العمل أو الأفراد، وتُشير الأنانية إلى تقديم المصلحة الشخصية على مصلحة المؤسسة.
- النفاق: يُعدّ النفاق سلوكاً مدمراً في أي بيئة عمل. المسير الذي يُظهر وجهاً أمام مرؤوسيه وآخر أمام رؤسائه أو الذي يُغيّر مواقفه بناءً على المصالح، يُفقد الثقة ويُفسد جو العمل.
- عدم الانضباط: يتوقع المسير الناجح من فريقه الالتزام بالأنظمة، لكن المسير الفاشل غالباً ما يكون هو نفسه غير منضبط، سواء في المواعيد، أو في الالتزام بالتعليمات، أو في تنظيم وقته. هذا يُرسل رسالة سلبية لبقية الموظفين.
- التواضع المفرط (في غير محله): بينما التواضع صفة إيجابية، فإن التواضع المفرط للمسير قد يُفسر على أنه ضعف أو عدم قدرة على اتخاذ القرار، أو تهرب من المسؤولية، خاصة في المواقف التي تتطلب حزماً وقيادة.
ضعف العلاقات والتفاعل مع الآخرين:
تُؤثر سمات الفشل في التسيير على العلاقات داخل بيئة العمل:
- عدم التشاور مع الآخرين: يتخذ المسير الفاشل القرارات بشكل فردي، دون استشارة أصحاب الخبرة أو المعنيين بها، مما يُقلل من جودة القرارات ويُفقد الموظفين شعورهم بالمشاركة والتقدير.
- عدم مساعدة الزملاء وعدم تفهمهم: يفتقر المسير الفاشل إلى روح التعاون والتعاطف. لا يُقدم الدعم لزملائه أو مرؤوسيه عند الحاجة، ولا يُظهر تفهماً لظروفهم أو تحدياتهم. هذا يُعزز من بيئة العمل الفردية ويُضعف الروابط بين الأفراد.
- السيطرة (المُفرطة): بينما القيادة تتطلب درجة من السيطرة، فإن السيطرة المفرطة والتدخل في كل تفصيل (Micro-management) تُقيّد الإبداع، وتُشعر الموظفين بعدم الثقة، وتُعيق تفويض المهام، مما يُقلل من الفعالية الكلية.
التأثير على العدالة والالتزام:
تُظهر خصائص الفشل في التسيير ضعفاً في تطبيق مبادئ العدالة والالتزام:
- عدم تطبيق العدالة: المسير الفاشل قد يُحابي بعض الأفراد، أو يُعاقب الآخرين بشكل غير عادل، أو يتخذ قرارات غير موضوعية، مما يُولد شعوراً بالظلم وعدم المساواة، ويُؤثر سلباً على الروح المعنوية والإنتاجية.
- الغياب المتكرر عن المدرسة (في السياق التعليمي): يُشير إلى عدم الالتزام بالدوام أو التهرب من المهام، مما يُؤثر مباشرة على سير العمل، ويُعدّ مثالاً سيئاً للموظفين، ويُعيق اتخاذ القرارات اليومية بفعالية.
الخلاصة:
إن الفشل في التسيير ليس مجرد غياب لمهارات معينة، بل هو مزيج من ضعف القدرات الإدارية، والسمات الشخصية السلبية، والسلوكيات التي تُضعف العلاقات، وتُخلّ بالعدالة، وتُعيق تحقيق الأهداف. تُؤدي هذه الخصائص مجتمعة إلى بيئة عمل مُثبطة، وتُعيق نمو المؤسسة، وتُفقد الثقة في القيادة، مما يستدعي تدخلاً جاداً لتصحيح المسار وإعادة بناء أسس التسيير السليم.