نشأة الجودة الشاملة وإشكالية المفهوم.. إزالة الحواجز بين العاملين والتأكيد على المسؤولية الجماعية والحد من تقسيم العمل بطريقة الأنصبة، وتعديل نظام الحوافز فى العمل



نشأت فكرة التحكم فى الجودة الشاملة فى الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية الخمسينيات، وكان أول مرجع أشار لهذا المصطلح  مقاله للدكتور A.V.Fiegenbaum فى مجلة Harvard  Busines Review VOL .34,No.4,Dec1958,p.p(93-101). بينما يعود أصل الفكرة إلى جهود كل من Dr.Deming(1950),Dr.Jurn(1954),Dr.Fiegenbaum(1958) حينما ذهبوا تباعاً إلى اليابان لإعادة هيكلة الصناعة اليابانية يعد الحرب العالمية الثانية.
و تطلب نقل النموذج اليابانى لـ  *(TQM) Total Quality Management إلى الولايات المتحدة تعديلات في النموذج اليابانى،  حتى يتناسب وثقافة العمل فى الولايات المتحدة والذى  يتميز بالميل إلى تجزئة العمل إلى مهام محددة، بحيث يختص كل موظف بجزء منها،ويعمل بشكل منفصل فى المسئولية والأداء عن الآخرين، ولذا أضاف Deming  أربعة بنود على النموذج اليابانى بغرض إزالة الحواجز بين العاملين، وللتأكيد على المسئولية الجماعية، وللحد من تقسيم العمل بطريقة الأنصبة، وتعديل نظام الحوافز فى العمل ليتناسب مع TQM.
وجدير بالذكر أن البنود التى أضافها Deming كانت توفرها ثقافة المجتمع اليابانى،والتى تعمل وفقاً لها نظرية الإدارة اليابانية وهى نظرية z .
ولقد تصدى David Hachins لتحديد مفهوم TQM فى مجال الصناعة والتجارة، وتناول أهميته فى تقليل التكاليف،كما أشار لقصص نجاح استخدام هذا الأسلوب فى منشآت تجارية وصناعية فى أمريكا وإنجلترا  واليابان، وأهمية استخدامه فى حل المشكلات وتطوير القوى البشرية،كما أشار لنماذج عدة من هذا الأسلوب وخاصة سلسلة الايزو ISO، و سلسلة  BS,750,.(99)
ومن قراءة بعض ما كتب حول تحديد ماهية الجودة،فإننا نجد أنه لا يوجد تعريف  محدد لها ،حيث يختلف مفهومها باختلاف مجال تطبيقها. ولقد أدى تعدد مجالات التطبيق إلى ظهور نماذج عدة  يقدرهاHarari  بأكثر من ألف نموذج من TQM، وأن استثمار حقوقه أصبح صناعة تعدت أرباحها فى أمريكا بليون دولار عام 1992، ويقول Harari بأن جوانب الاختلاف بين نماذج TQM تظهر فى النواحي التالية:
- استخدام الإجراءات  الإحصائية.
- طرق ترجمة التعبير عن احتياجات العملاء والزبإئن إلى مؤشرات.
- أسلوب الملاءمة أو التوافق مع الهدف.
ويحصر Lee Harvey  أهم القضايا التى تتفق عليها المفاهيم والنماذج المختلفة TQM فيما يلي:
- التحسن المستمر: ويعدا هذا هدفاً لا نهائياً.
- التَّغير الثقافى، حيث يتطلب استخدام TQM عمل تغير ثقافى داخل المؤسسة للتأكيد على غرس الحاجة للعمل وفق معايير الجودة، والابتعاد عن الفردية وتنمية الميل للتعاون والثقة فى النفس، والعمل على سهولة تبادل المعلومات بين العاملين.
- تعريف الجودة وتحديد معاييرها وفق حاجات العملاء أو زبائن المؤسسة.
- المشاركة: حيث ينبغى أن يكون لكل موظف داخل المؤسسة دور فى تحقيق الجودة.
- الالتزام الإدارى :حيث ينبغى أن تلتزم  الإدارة العليا بخطط الجودة، وتعمل على قيادة عملياتها وتقديم الحفز من أجل استخدامها.
- بناء الجودة :بمعنى متابعة خطوات العمل ومراحله وتطبيق معايير الجودة على كل خطوة ومرحلة أولا بأول.
- استخدام التقنيات الإحصائية :حيث تستخدم المؤشرات الإحصائية فى الحكم على تحقيق معايير الجودة وقراءة مشكلاتها.
- البناء التنظيمى :حيث ينبغى إعادة هيكلة المؤسسة بما يتناسب وتدعيم استخدام أساليب TQM .وتحديد دور لكل فرد من العاملين بحيث يشارك بشكل واضح فى تحقيق الجودة.
ولمزيد من التفصيل حول مفاهيم الجودة وضبط الجودة وإدارتها يمكن مراجعة العدد التالى من مجلة :British  Journal  Education  studies 40(1)199.
ونخلص مما سبق بأنه لا يمكن اقتباس  نموذج TQM من الصناعة لتطبيقه على نظام التعليم، فالسمات السابقة تفرض علينا ضرورة تصميم نموذج يتناسب والمؤسسة التعليمية ، وبما يميزها من آلية عمل، وبما يتفق وأدوارها الثقافية والاجتماعية.