الحدود الاستعمارية.. ربط أجزاء القارة الافريقية بالموارد الأولية والثروات المعدنية بالموانئ البحرية لنقلها إلى مناطق التصنيع في الدول الأوربية



ارتبطت فكرة الحدود في نشأتها وتطورها بوظيفة الأمن، والحماية ضد الغزوات، والهجمات المفاجئة على نحو جعل اختبار الحد الجغرافي، وتعينه يتوقف على طبيعته الحربية، ومقدار مناعته في نظر الدولة الأقوى.

كما تمثل الحدود دوراً كبيراً من الأهمية في تحقيق الضبط الاجتماعي من خلال حماية المجتمع من عمليات التهريب، وضبط مثيري الفتن، والقلاقل من عابري الحدود إلى جانب ما يقوم به نظام الحجر الصحي من منع انتشار الأوبئة، والأمراض المعدية من الانتشار إلى داخل الدولة.

وقد شهدت المنطقة قيد الدراسة تنقلات عديدة لأفراد القبائل المختلفة بحثاً عن الاستقرار في دلتا النيل كانت في صورة حملات أوغزوات مما أدى إلى ضرورة ردع تلك الغزوات، وشل قدرتها على الهجوم.

ولذا فإن فكرة تعيين خطوط الحدود، ووضعها على الطبيعة هى واحدة من الأسباب التي تؤدى إلى نزاعات قد تصل في بعض الأحيان إلى صراع مسلح بين الدول المتجاورة، وهو ما يطلق عليه إن صح التعبير حد الموس الذي تعلق عليه نتائج الحروب، ومصير السلام، وحياة أو موت الشعوب.

وقد حرصت الدول الاستعمارية تعيين الحدود بين مستعمراتها، وربط اقتصاديتها بها بدلاً من أن تجعلها أداة للتنمية، وتحقيق الانسجام الاجتماعي من خلال إثارة الاضطرابات بين القبائل القاطنة تلك المناطق قيد الدراسة، وقد يرجع ذلك إلى أمرين:

- الأول منها: أنها رسمت حدود القارة بما يضمن ربط أجزاء القارة الغنية بالموارد الأولية، والثروات المعدنية بالموانئ البحرية بما يكفل نقل هذه المواد، وتلك الثروات إلى مناطق التصنيع في الدول الأوربية ويسهل إعادة نقلها مصنعة إلى الدول الأفريقية،  وغيرها وبذلك يمكن القول أن العامل الاقتصادي سبباً في تحديد الحدود الدولية.

- أما الثاني: فإن الدول الاستعمارية عند رسمها لحدود القارة لم تكن على دراية كافية بأوضاع القارة مما أثار الغموض، وعدم الدقة نحو إثارة العديد من الخلافات، والمنازعات بين الدول المتجاورة من أجل الوصول إلى التحديد الصحيح لخط الحدود.