علي محمود طه: رحلة حياة شاعر من المنصورة إلى دار الكتب
ولد الشاعر علي محمود طه في عام 1901م بمدينة المنصورة المصرية، وهي المدينة التي شكلت بعبق تاريخها وجمال نيلها مسرحًا لأولى فصول حياته، وقضى فيها معظم سنوات شبابه. هذه النشأة في قلب الدلتا المصرية، حيث تتجلى عراقة الماضي وخصوبة الحاضر، قد تكون ألهمت جزءًا كبيرًا من خياله الشعري لاحقًا.
المسار التعليمي والوظيفي: من الهندسة إلى الأدب
بدأ طه رحلته التعليمية كعادة أبناء جيله في ذلك الوقت، بالالتحاق بـالكُتَّاب، حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ أجزاء من القرآن الكريم. كانت هذه الخطوة الأولى في صقل شخصيته، ثم انتقل بعد ذلك إلى مرحلة تعليمية أكثر تخصصًا، حيث التحق بـمدرسة الفنون والصناعات التطبيقية. هذا الاختيار التعليمي يكشف عن جانب عملي في شخصية طه، بعيدًا عن الصورة النمطية للشاعر الذي ينغمس كليًا في الفنون. تخرج من هذه المدرسة في عام 1924م، حاصلاً على شهادة مهندس معماري.
بعد تخرجه، عمل علي محمود طه مهندسًا لسنوات طويلة، وهي فترة شكلت جانبًا مهمًا من مساره المهني، لكنها لم تطغَ على شغفه الحقيقي بالأدب والشعر. يُمكن تخيل كيف أن هذه الفترة قد أثرت في رؤيته للعالم، ربما بمنحه حسًا بالبناء والتكوين الذي انعكس لاحقًا في قصائده.
تُوجت مسيرته الوظيفية بتعيينه في منصب وكيل دار الكتب المصرية. هذا المنصب الرفيع لم يكن مجرد تتويج لمسيرة مهنية، بل كان بمثابة عودة إلى موطن الأدب والثقافة، حيث كان على مقربة من كنوز المعرفة. هذا التعيين يعكس تقدير الدولة لمكانة طه الفكرية والأدبية، ويؤكد على دوره كشخصية ثقافية بارزة.
إرث شعري خالد:
توفي علي محمود طه في عام 1949م، تاركًا خلفه إرثًا شعريًا غنيًا يضم العديد من الدواوين التي خلدت اسمه في سجلات الشعر العربي الحديث. من أبرز مؤلفاته التي تعكس تنوع موضوعاته وعمق تجربته الشعرية:
- الملاح التائه: وهو من أشهر أعماله، ويعكس فيه روح التيه والبحث عن المعنى، ربما كرمز لرحلة الإنسان في الحياة.
- ميلاد الشاعر: الذي قد يكون بمثابة شهادة على بداياته الشعرية وتجربته مع الإلهام.
- الوحي الخالد: والذي يشير إلى الجانب الروحاني والفلسفي في شعره.
- ليالي الملاح التائه: استكمال لموضوع الملاح التائه، مما يدل على عمق هذا المحور في فكر الشاعر.
- أرواح وأشباح: الذي يلامس عوالم الغموض والخيال، ويُظهر قدرته على استكشاف الجوانب الخفية للنفس البشرية والوجود.
خلاصة:
لقد كان علي محمود طه واحدًا من رواد الرومانسية في الشعر العربي، وقد أثرى المكتبة العربية بأعماله التي لا تزال تُقرأ وتُدرس حتى اليوم. رحلة حياته من المنصورة إلى دار الكتب، ومن الهندسة إلى أروقة الأدب، هي قصة لشاعر جمع بين العملي والخيالي، وترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الأدب العربي.
التسميات
نصوص 3اع