معركة عين جالوت.. القضاء على الخطر المغولي من طرف جيوش المسلمين بقيادة قطز وتطهير بلاد الشام من الإمارت الفرنجية



معركة عين جالوت
يوم الجمعة 26 رمضان 658 هـ : 3 ايلول 1260 م.
تمكن المغول بغزواتهم التي شنوها خلال اربعين عاما ان يكتسحوا اسيا واوروبا من مواطنهم الواقعة بين الهند وهضبة منغوليا الى اواسط وغرب اسيا فامتدت امبراطوريتهم من الصين شرقا الى فلسطين وسواحلها وبحر البلطيق وبحر الادرياتيك غربا وكانوا في غزواتهم يدمرون المدن والقرى ويقتلون سكانها بعد ان يمثلوا بهم افظع تمثيل وينهبون كل ما يقع تحت ايديهم من اموال ومتاع تاركين في اعقابهم اطلال المدن خرائب القرى.
استعدت مصر للقاء المغول بعد وصولهم الى سورية فلسطين فخرجت منها الجيوش يقودها السلطان "قطز" الذي ما لبث ان التحقت به جموع المجاهدين من فلسطين والشام وصل "قطز" الىغزة ثم تابع سيره الى عكا متخذا طريق الساحل وكان بمدينة عكا بقايا من الافرنج الذين بادروا بالترحيب به واظهار استعدادهم لمعاونته ضد المغول. رفض قطز مساعدتهم معلنا ان الدفاع عن الاوطان يتولاه أبناؤه واكد للافرنج ان من يبادر عسكر المسلمين منهم باي اذى فان ذلك يدعوه للعودة واستئصال شافة الافرنج قبل ملاقاة التتر فقبع الاوروبيين واخلدوا الى السلامة خوفا من تهديد قطز.
سار قطز شرقا وعند "عين جالوت" انضم اليه ركن الدين بيبرس الذي كان قد استمات في مهاجمة قوات التتار المبعثرة في مختلف أنحاء فلسطين.
رأى قطز بعد وصوله الى "عين جالوت" ان ينصب كمينا لعدوه فخبا نصف جيشه فيه ثم قاد بنفسه النصف الباقي وكانت جيوش المغول بقيادة "كتبغا نوين" الذي كان يثق به "هولاكو" ملك المغول ولا يخالفه فيما يشير اليه تلاقى الطرفان يوم الجمعة في 26 رمضان 658 هـ : 3 ايلول 1260 م عند العين المذكورة بدأ المغول بقذف سهامهم وحملهم على المسلمين فوقف السملمون وبادلوهم السهام بغيرها وملأت الجثث الارض تظاهر المسلمون بالهزيمة وتراجعوا فتعقبهم المغول حتى استدرجوهم عند الكمين وهنالك خرج عليهم نصف الجيش الاخر فحملوا على عدوهم حملة صادقة فهزموه واضطروه للفرار واعتصم من المغول طائفة بالتل المجاور لمكان الوقعة فاحدق بهم المسلمون واما قائدهم "كتبغا " فرغم ان جنوده تركوه وحيدا مع قلة من اتباعه الا انه ظل يكافح دون جدوى" الى ان كبا به جواده فأسر وجيء به مكبلا الى قطز الذي امر بقتله.
وكان كتبغا عظيما عند قومه فهو الذي فتح معظم بلاد ايران والعراق وأما قاتله فهو الامير "جمال الدين اقوش بن عبد الله الشمسي" من اعيان الامراء وامائلهم وشجعانهم توفي في حلب سنة 679 هـ.
وقد اظهر قطز في هذه المعركة مهارة وشجاعة فائقة فاشترك بنفسه في القتال حتى ان جواده أصيب فترجل عنه وحارب على قدميه ولما راى شيئا من الاضطراب في ميسرة جيوشه القى بخوذته عن رأسه على الارض وصاح باعلى صوته "وإسلاماه" وحمل بنفسه على عدوه فازداد حماس الجند مما كان لهاكبر الاثر في النصر.
وكان ممن حضر هذه المعركة "الامير زين الدين صالح بن الامير علي أرسلان" وقد اعجب قطز بشجاعته واصابته الهدف بسهامه.
لقد كانت الهزيمة في هذه المعركة هزيمة ساحقة وتعتبر من المواقع التاريخية الحاسمة وبها قضي على الخطر المغولي الذي يعد اعظم خطرا من الخطر الفرنجي بصورة نهائية فحق لابطالها المجاهدين وبينهم العديد من الفلسطينيين التفاخر بانهم هزموا المغول في القرن الثالث عشر الميلاد في وقت كن العالم كله فيه يتراجع امام هجماتهم.
ومن نتائج هذه المعركة انها اعطت سلاطين المماليك الفرصة فعجلت بالقضاء على ما تبقى من الامارت الفرنجية في بلاد الشام فقضوا عليها وطهروا البلاد منهم كما طهروها من المغول فلو انتصر المغول في عين جالوت لوجهوا جهودهم لاكتساح بقية اوروبا التي كان بامكانهم لضعفها اجتياحها بسهولة فلو لم ينتصر المسلمون في عين جالوت لتغير مجرى التاريخ ولعانت الانسانية منالخرائب والتاخر قرونا طويلة.
وقد كان لحسن قيادة الظاهر بيبرس احد قادة هذه المعركة اثر كبير في الانتصار على المغول وقد حرص بيبرس على تخليد ذكرى موقعة عين جالت باقامة اول نصب تذكاري في الاسلام في مكان الموقعة اطلق عليه اسم "مشهد النصر".
وهكذا قدر لفلسطين ان تكون مسرحا للانتصارات الكبرى التي احرزها العرب منذ بدء التاريخ الاسلامي فيها فعلى ارضها المباركة جرت معارك اليرموك واجنادين وحطين وعين جالوت وانتصر فيها العرب على الروم والاوروبيين والمغول.
* * *
وما تجدر الاشارة اليه أن هولاكو _ حفيد جنكيرز خان _ أراد ان ينتقم لهزيمة عين جالوت لكنه توفي قبل ان يحقق امله وقد جاء بعده اخوه (تكودار) وهو اول من اسلم من المغول واتخذ لنفسه اسم " احمد خان" وبذل جهده في نشر الاسلام بين بني قومه فاسلم الكثيرون منهم بالفعل.