ارتبطت (مابعد الحداثة)، في بعدها التاريخي والمرجعي والسياقي، بتطور الرأسمالية الغربية مابعد الحداثية اجتماعيا، واقتصاديا، وسياسيا، وثقافيا.
كما ارتبطت ارتباطا وثيقا بتطور وسائل الإعلام. كما جاءت مابعد الحداثة رد فعل على البنيوية اللسانية، والمقولات المركزية الغربية التي تحيل على الهيمنة والسيطرة والاسغلال والاستلاب.
كما استهدفت (ما بعد الحداثة) تقويض الفلسفة الغربية، وتعرية المؤسسات الرأسمالية التي تتحكم في العالم، وتحتكر وسائل الإنتاج، وتمتلك المعرفة العلمية.
كما عملت (ما بعد الحداثة) على انتقاد اللوغوس والمنطق عبر آليات التشكيك والتشتيت والتشريح والتفكيك.
هذا، وقد ظهرت (ما بعد الحداثة) في ظروف سياسية معقدة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق الحرب الباردة، وانتشار التسلح النووي، وإعلان ميلاد حقوق الإنسان، وظهور مسرح اللامعقول (صمويل بيكيت، وأداموف، ويونيسكو، وأرابال...)، وظهور الفلسفات اللاعقلانية، مثل: السريالية، والوجودية، والفرويدية، والعبثية، والعدمية.
وقد كانت التفكيكية معبرا رئيسا للانتقال من مرحلة الحداثة إلى (ما بعد الحداثة).
ومن ثم، فقد كانت (مابعد الحداثة) مفهوما مناقضا ومدلولا مضادا للحداثة.
ولذلك، "احتفلت مابعد الحداثة بأنموذج التشظي والتشتيت واللاتقريرية كمقابل لشموليات الحداثة وثوابتها، وزعزعت الثقة بالأنموذج الكوني، وبالخطية التقدمية، وبعلاقة النتيجة بأسبابها، حاربت العقل والعقلانية، ودعت إلى خلق أساطير جديدة تتناسب مع مفاهيمها التي ترفض النماذج المتعالية، وتضع محلها الضرورات الروحية، وضرورة قبول التغيير المستمر، وتبجيل اللحظة الحاضرة المعاشة.
كما رفضت الفصل بين الحياة والفن، حتى أدب "مابعد الحداثة" ونظرياتها تأبى التأويل، وتحارب المعاني الثابتة."
هذا، وقد ظهرت (ما بعد الحداثة) - أولا- في مجال التشكيل والرسم والعمارة والهندسة المدنية، قبل أن تنتقل إلى الفلسفة والأدب والفن والتكنولوجيا وباقي العلوم والمعارف الإنسانية.
ولا يمكن الحديث عن (مابعد حداثة) واحدة، بل هناك (مابعد حداثة) عامة و(مابعد حداثات) فرعية.
وقد غزت نظرية (مابعد الحداثة) جميع الفروع المعرفية، كالأدب، والنقد، والفن، والفلسفة، والأخلاق، والتربية، وعلم الاجتماع، والأنتروبولوجيا، وعلم الثقافة، والاقتصاد، والسياسة، والعمارة، والتشكيل..
التسميات
حداثة