في سارة للعقاد تصبح الصلة بين الرواية وبين الترجمة الذاتية أكبر وأبعد خفاء، ولا بد من الإشارة إلى ظاهرتين تميزان شخصيته وتتصل الأولى منهما بطابع شخصيته وتتصل الثانية بطابع تفكيره.
والعقاد كغيره من شباب جيله من الأدباء تعرض للقلق والألم والشك وهي السمات التي تتجمع بينهم جميعا ولكن وسيلته للخروج من أزمته الذاتية تختلف عن الوسيلة التي لجأ إليها كل منهم.
وإذا كان المازني قد حاول الخروج من أزمته بالسخرية من نفسه ومن الآخرين فإن وسيلة العقاد للخروج من هذه الأزمة تتمثل في اعتزازه الشديد بذاته واستعلائه على الآخرين.
وقد نشأ العقاد في أسوان البعيدة عن مصادر الثقافة التي تتركز في بيئتنا قي المدن الكبرى وخاصة في القاهرة، ولم تكن هناك وسيلة تصل أديبنا بالثقافة إلا بعض أساتذته في المدرسة الابتدائية أو التقائه ببعض السائحين من الأجانب وهي وسائل بدائية محدودة القيمة بطبيعتها.
ولم تساعد العقاد ظروفه على السير في مراحل التعليم وترك الدراسة بعد المرحلة الابتدائية كما أن أسرته كانت عاجزة عن توفير الفراغ والمال مما يعوضه عن التعليم المنظم الذي فقده.
ولكن العقاد لم يستسلم لهذه الظروف واعتمد على كفاحه الفردي وحده ليصبح بعد ذلك من أكبر مثقفي عصره إن لم يكن أكبرهم وحتى يصبح مستشارا للأدباء جيله فيما يقرؤون وما يدعون وساعد على اعتزاز العقاد بنفسه وحدة كبريائه قامته العملاقة وصلابة عوده إذا قيس مثلا بصديقه المازني في قصر قامته وضعف بنيته.