يلاحظ أن المنهج الثقافي منهج قاصر ومحدود ومنغلق على نفسه، مادام يقصي الجمال والفن.
ومن هنا، فمن عيوب التحليل الثقافي أنه محدود منغلق على مجتمعه الذاتي وعلى ذاتية مجتمعه، بل إن ممارسي الدرس الثقافي حذرون جدا في تصريحاتهم عن إنجازات هذا المنهج.
أضف إلى ذلك، أنه نقد إيديولوجي دائما وأبدا.
تلك هي أهم الانتقادات الموجهة إلى النقد الثقافي بشكل علمي وموضوعي.
بيد أن النقد الثقافي يمكن الاستعانة به في تحليل النص أو الخطاب الأدبي باعتباره منهجا من بين عدة مناهج نقدية أخرى مساعدة ومكملة لتشريح المعطى المدروس، مادام يجمع بين الذات والموضوع، لكن لايمكن أن يكون النقد الثقافي هو النقد البديل أو المنهج المفضل، فالمنهج النقدي، مثل الموضة، له زمنه الخاص، وسياقه الخاص، ومتلقيه الخاص.
ومن هنا، فإننا نقول بتناسل المناهج النقدية وتناسخها كأسطورة العنقاء، حيث يموت منهج، ليظهر منهج آخر، وهكذا دواليك، وهذه سنة الحياة في هذه الأرض المباركة.
وخلاصة القول:
فعلى الرغم من أهمية المنهج الثقافي في التعامل مع النص أو الخطاب الأدبي انطلاقا من كونه ظاهرة ثقافية، حيث يعمد هذا النقد إلى مقاربته في ضوء رؤية ثقافية شاملة إن اجتماعيا، وإن سياسيا، وإن اقتصاديا، وإن تاريخيا، وإن نفسيا، مع التركيز منهجيا على رصد الأنساق الثقافية المضمرة، وموقعتها في سياقها المرجعي والثقافي والإيديولوجي والمؤسساتي، إلا أن هذا المنهج يقصي من حسابه الفن والجمال والوظيفة الشعرية.
ومن ثم، لايعترف بالبنيات الشعرية واللسانية والسيميائية؛ لأنه يتعامل مع النص أو الخطاب الأدبي والجمالي تعاملا ثقافيا خارجيا مبتذلا، على أنه نص نسقي لايزخر إلا بالرسائل الثقافية الإيديولوجية ليس إلا.
وبهذا، يتنافى هذا المنهج الثقافي مع خصوصية الأدب وماهيته، ووظيفة النقد الأدبي جملة وتفصيلا.
ومن ثم، إذا كان النص الأدبي قائما على علاقة تكامل وترابط عضوي مع المنهج البنيوي اللساني؛ لوجود اللغة باعتبارها قاسما مشتركا بينهما، فإن علاقة الأدب بالنقد الثقافي هي علاقة تنافر واغتراب وتباعد بامتياز.
التسميات
نقد ثقافي