الاستسلام لماهو سياسي واجتماعي وثقافي.. النشاط ما بعد البنيوي لم يقدم بديلا فاعلا وإنما وصل مرحلة الشلل والقصور الذاتي

يبحث النقد الثقافي، في تعامله مع النصوص والخطابات، على الأنساق التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تتحكم في إبداعات المبدعين والأدباء والمثقفين.

ومن ثم، فالدراسات الثقافية الموجودة بإنجازاتها المحدودة لم تتجاوز بعد طروحات البنيوية، وهي بذلك عرضة للعيوب التي تورطت فيها البنيوية.

أما النشاط ما بعد البنيوي فلم يقدم بديلا فاعلا، وإنما وصل مرحلة الشلل والقصور الذاتي.
ولما كانت الدراسات الثقافية إفرازا لهذه الممارسات، فإنها لم تكن أحسن حالا.

ولهذا، فإن الدراسات الثقافية، بسبب إدعاءاتها، سقطت ضحية خطابها الخاص، فدعوة جوزيف هيللس ميلر إلى تبني "وحشية الغموض" لم تفض إلا إلى الاستسلام الاجتماعي والسياسي.

كما أن نقد ديريدا للعقل المحض لم يؤكد غير العماية القاتلة، وشيوع الدراسات الثقافية، وانتشارها لم يثبت غير تعمية وإخفاء الخيارات الأخرى، كما أن التركيز على ثقافة الهامش لم يصل إلا إلى مركزية الهامش وتكرار القمع الذي نادى بنبذه.

وإذا أمعنا النظر في طروحات النقد النسائي وعروضه، فسندرك أنه أكد فقط امتياز الأنثى البيضاء المنتمية إلى الطبقة الوسطى الأمريكية.

وإذا رجعنا إلى تاريخ الأفكار، فسنجد ممارسات الدرس الثقافي شائعة في عقدي النصف الثاني من القرن العشرين شيوعا أفضى به إلى محاسبة نفسه وآلياته ومنهجيته، ولم يتجاوز بعد هذه المحاسبة المشروطة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال