نطاق تعديل الدستور.. مسايرة مقتضيات تطور المجتمع وإعطاء صورة حقيقية لنظام الحكم السائد فيه

إن الدستور لا بد أن يقبل التعديل بحكم طبيعته، لأنه عبارة عن قانون، وقواعد القانون أياً كان مصدرها قابلة للتغيير والتبديل تبعاً لتغير الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخاصة بكل دولة.

ولهذا، فإن الدستور وهو القانون الأسمى في الدولة  يجب أن يكون ذا طبيعة متجددة في جميع أحكامه كأي قانون آخر، بحيث يكون قابلاً للتعديل حتى يستطيع أن يساير مقتضيات تطور المجتمع، ويكون صورة حقيقية لنظام الحكم السائد في هذا المجتمع، وإلا أصبح معرضاً للتعديل الكلي عن طريق الثورة أو الانقلاب.

وبعد أن قمنا بتحديد الجهة المختصة بتعديل الدستور، وهي  كما رأينا  السلطة التأسيسية المنشأة التي يحددها الدستور، يثور التساؤل عن مدى حرية هذه السلطة في تعديل نصوص الدستور:
هل تتمتع بحرية تامة في إجراء ما تراه من تعديلات ؟
أم أنها مقيدة في عملها بالنطاق الذي حدده لها الدستور؟
وبمعنى آخر، ما هو النطاق الذي تستطيع السلطة التأسيسية المنشأة أن تمارس فيه سلطتها في تعديل نصوص الدستور؟.

وإذا كان الفقه الدستوري قد أجمع على بطلان الجمود المطلق الكلي للدساتير، الذي يحظر تعديل الدستور مطلقاً وبصفة أبدية، إلا أنه لم يتفق على رأي واحد بالنسبة لحالات الجمود النسبي التي تحظر تعديل الدستور خلال مدة معينة، أو التي تحظر تعديل بعض نصوصه سواء كان ذلك بصفة مؤبَّدة أو مؤقتة.

ولذلك فقد ثار الخلاف بين فقهاء القانون الدستوري بشأن تحديد القيمة القانونية للنصوص الدستورية التي تحظر التعديل، وتشعبت الآراء الفقهية حول قيمة مثل هذه النصوص.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال