علاج السحر.. اللجوء إلى الساحر وحل السحر عن المسحور بسحر مثله يكون إقراراً بعمل الساحر



نظراً لكثرة المعالجين في الآونة الآخيرة ممن يدعون الطب إدعاءً، ويعالجون المرضى عن طريق السحر والكهانة كذباً، مستغلين السذج من الناس ممن يغلب عليهم الجهل في التفكير والبساطة في التدبير، كان لزاماً على المسلم أن يعلم حقيقة التداوي ليحفظ نفسه من الشرك، والتعلق بغير الله تعالى، ومخالفة أمره تعالى وأمر رسوله (ص).
فالأصل جواز التداوي اتفاقاً، لكن الله لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم، وإنما فيما أباحه وشرعه، فلا يجوز للمريض أن يطلب الدواء للداء ممن يعالج بعلاجات شيطانية، وتمائم كفرية، وتعويذات شركية تقرأ على المصاب رجاء البرء والشفاء، فإن مثل من يطلب الدواء لهذا الداء من السحرة كمن يستجير بالرمضاء من النار.
وعليه فلا يجوز الاستعانة بالساحر في حل السحر، إذ أن اللجوء إلى الساحر وحل السحر عن المسحور بسحر مثله يكون إقراراً بعمل الساحر، وعمل الساحر كفر، فلا يجوز الاستعانة به.
لما رواه مسلم في صحيحه: "أن رسول الله (ص) قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".
وقال: "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (ص)".
ولله در القائل:
ومن أتى كاهناً أو عرافاً -- فكافر إن أضمر اعترافاً
ومن أتاه دونه لم ترفع -- صلاته عشرة في أربع
وإذا كان هذا حال السائل المريض، فكيف بالمسؤول المجيب، ومن ثم فإن اللجوء إلى السحرة والمشعوذين ترك للتوكل والاعتماد على الله.
وقد قال تعالى: (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)، ولو كان يجوز للمسلم أن يذهب للسحرة التماساً للدواء، لما أمر الرسول (ص) بقتل الساحر وفيه منفعة للناس.
وعليه فلا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمه السحرة علاجاً كتمتمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص، كما لا يجوز الذهاب إليهم ليسألهم عن إلقاء المحبة بين الزوجين أو نزعها، أو ليسترشد عن مكان المسروق والضالة، لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وإن قال قائل قد يقول الساحر حقاً ويعد صدقاً، كما قيل لرسول الله (ص) يوماً: "إنهم يحدثونا أحياناً بشيء فيكون حقاً، فقال رسول الله (ص): تلك الكلمة من الحق، يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة".
وفي حديث آخر أجاب (ص) لمن استفسر عن إتيان الكهان قائلاً: "فلا تأتيهم".