المنهج التحليلي النفساني.. دراسة الموضوعات الشعرية ذات الصلة بقضايا التصعيد الفنيّ كشعر الشكوى و الهجاء و الرثاء أو الدراسات المتّصلة بالتعويض والنرجسيّة كالسيرة الذاتية وكتابة الماضي وأدب الذكرى



المنهج  التحليلي النفساني:

تتراكم المعارف النظرية المتّصلة بهذا المنهج من سيقمان فرويد الذي طبّق المفاهيم النفسية الأساس على نصوص أدبية من قبيل مسرحية الملك أوديب وهاملت إلى جاك لاكان والرسالة المسروقة لإدقار آلان بو.

تطبيق اللسانيات  التوليدية:

وقد سعى من خلال دراستها إلى تطبيق اللسانيات  التوليدية على نصّ أدبي محلّلا ما يتضمّنه النصّ من أنظمة رمزية دالّة على حركة اللاوعي الجماعي وعلى العلاقات الذاتية المتبادلة، وربط لاكان بين فكر فرويد النظري والإنتاج الأدبي الذي يسمح بفهم أحلام اليقظة في الكتابة المتخيّلة، إلى نويل بلمون الذي وضع الأسس العلمية لدراسة لاوعي النصّ.

دراسة العوالم الشعريّة:

وتستند هذه المناهج إلى  جملة من المفاهيم في دراسة العوالم الشعريّة: منها العناصر الأربعة الماء والهواء والتراب والنار، وتستغلّ أنظمتها الرمزية في دراسة المكان  في الشعر أو الأجناس السردية - والزمن  الشعري - والمفارقة في النصّ الشعري - وفي فهم  تمثّل الشعراء للعوالم المتخيّلة (المرأة في الشعر- الغربة والحنين - "الأنا" في الشعر أو الذات في الشعر... التعويض - التصعيد الفنّي - أنظمة اللغة المبنية على اللاوعي الفردي و الجمعي).

دراسة الموضوعات الشعرية:

ويمكن أن يساعد هذا المنهج على دراسة الموضوعات الشعرية ذات الصلة بقضايا التصعيد الفنيّ كشعر الشكوى و الهجاء والرثاء، أو الدراسات المتّصلة بالتعويض والنرجسيّة كالسيرة الذاتية و كتابة الماضي وأدب الذكرى.
وفي بعض الدراسات العربيّة التي سعت إلى الاستفادة من المنهج النفساني في صيغته الأولى مع سيقمون فرويد أو في صيغه المتأخّرة وخاصّة صيغة كارل قوستاف يونغ ما يمكن أن نعدّه نماذج ناجحة في نقل الأصول النظرية وفي تطبيقها على النصوص الأدبيّة العربيّة.

تحليل الصورة الأدبيّة في الشعر العربي:

ويمكن أن نذكر في هذا السياق على سبيل التمثيل لا الحصر تحليل مصطفى ناصف للصورة الأدبيّة في الشعر العربي، فقد ميّز ناصف ببراعة نادرة الخيال البياني أو التركيبي أو الصناعي من الخيال الشعري أو الإبداعي، بين الأدبين القديم والحديث في الاتجاه الإحيائي والرومانسي.

وسعى إلى النظر في نماذج من الشعر القديم و الحديث من خلال استغلال الطراز النفساني على وجه لا يخلو من نفس تأصيلي لافت للانتباه، وفي الفصل السادس من كتابه الصورة الأدبيّة تحليل تأليفي رصين لإحدى قصائد إلياس أبو شبكة وازن فيه الباحث بين نظام الصور في القصيد و نظام الرموز التي تحيل عليها و منها على وجه التخصيص إحالة هروب الفتاة التي يتحدّث عنها الشاعر إلى البحر على رغبة الشاعر في العودة إلى الرحم باعتباره حلما من أحلام الفرد بإزاء قيم الجماعة (مصطفى ناصف الصورة الأدبيّة منشورات دار الأندلس د-ت ص ص 177- 180).

 و قد كان  مصطفى ناصف على وعي تامّ  بحدود هذا المنهج فختم تحليله بقوله: "و أنا حريص على ألاّ يحيل التطبيق النصّ الأدبي إلى وثيقة تخضع طائعة أو كارهة لنظريات معيّنة فإنّ النص ّدائما ذو كيان فردي وإضافة جديدة وكثيرا ما لا ينتهي إلى نقطة حاسمة في أمر التطبيق ولن يؤدّي إلى زعزعة طائفة من المثل الأولى للتجربة" (م.ن ص 180).