الموارد الطبيعية ملكية مشتركة تجب حمايتها.. عدم تجاهل مدى الأخطار التي يمكن أن تسفر عنها التدخلات غير الرشيدة للإنسان في النظام البيئي



الموارد الطبيعية ملكية مشتركة تجب حمايتها:

إن جميع موارد الحياة خلقها الله، والانتفاع بها يعد في نظر الإسلام حقا للجميع، ويجب أن يراعى أثناء التصرف فيها حق جميع الناس، ومصلحة الناس الذين هم شركاء فيها سواء كانوا من الأجيال الحالية أو من الأجيال القادمة.

ملكية مشتركة لجميع الأجيال:

ويجب عدم النظر إلى هذه الموارد وحق الانتفاع بها على أنها محصورة في جيل معين أو عدد من الأجيال دون غيرهم، بل هي ملكية مشتركة لجميع الأجيال في كل مكان وزمان ينتفع بها كل جيل بحسب حاجته من دون الإخلال بمصالح الأجيال القادمة.

إن حق الانتفاع والاستثمار والتسخير الذي شرًعه الله للإنسان يتضمن بالضرورة التزاما من الإنسان بالمحافظة على الموارد الطبيعية من ناحيتي الكم والنوع، فلقد خلق الله للإنسان جميع أسباب الحياة لتحقيق الأهداف التالية: التفكر والعبادة والسكن والتعمير وغير ذلك فلا يجوز للإنسان إفساد البيئة وإخراجها عن طبيعتها المناسبة لحياة الإنسان وغيره من الكائنات الحية التي تشاركه الحياة على هذه الأرض.

المخلوقات في خدمة الإنسان:

هذا وقد قضت حكمة الله سبحانه على توظيف بعض المخلوقات لخدمة بعضها الآخر دليلا على العناية الإلهية التي تلحظ الكون كله بكل ما فيه، وبًين القرآن الكريم أن كل كائن حي مما نعلمه وما لا نعلمه في هذا العالم له وظيفتان، وظيفة اجتماعية لخدمة الإنسان وتبادل الخدمات، ووظيفة دينية كونه آية تدل على وجود خالقه وعلم وحكمة هذا الخالق العظيم. يقول تعالى: وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبهِمْ يُحْشَرُونَ (الأنعام 38).

العلاقات الوظيفية بين عناصر البيئة:

ومما يدل على العلاقات الوظيفية بين عناصر البيئة مثلا أن الله جعل الماء أصل الحياة ومنشأها، إذ يقول تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي).

فالنبات والحيوان والإنسان وغير ذلك من الكائنات الحية يرتبط وجودها بوجود الماء واستمرار حياتها متوقف على توافره.
وتقدم المياه والمسطحات المائية الكثير من الفوائد والمنافع البيئية والاقتصادية والصحية، ولذلك فإن المحافظة على المياه تعد أساس المحافظة على الحياة بأشكالها المختلفة.

حماية المياه واجب مقدس:

وعملا بالقاعدة الفقهية التي تقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإن حماية المياه تعد واجبا مقدسا لا يمكن تجاهله بأي شكل من الأشكال، لأن تلويث المياه وتعطيل إمكانية الاستفادة منها هو تعطيل للحياة بأسرها، وإهداره أو تلويثه أو تعطيل إمكانية الاستفادة منه يعد من الأمور المحرمة لأن القاعدة الفقهية تقول: ما أدى إلى الحرام فهو حرام.

المحافظة على الحياة بالمحافظة على الهواء:

والهواء لا تقل أهميته عن أهمية الماء وهو ضروري لاستمرار الحياة والمحافظة عليها، فالهواء ضروري للتنفس، وضروري للقيام بوظيفة التلقيح ونقل غبار الطلع من مكان إلى آخر، والكتل الهوائية تقوم بتحريك الغيوم والسحاب من مكان لآخر، والرياح بدورها هي آية دالة على قدرة الله وإتقان صنعته وربما لها وظائف كثيرة لم يتعرف إليها الإنسان بعد.
وإذا كان للهواء جميع هذه الوظائف الحيوية الهامة، فإن المحافظة عليه نظيفا يعد جزءا من المحافظة على الحياة نفسها.

توازن النظام البيئي:

إن هذا الكون المتوازن يشكل نظاما مترابطا متكاملا، تتحرك فيه كافة المسخرات من مجرات وسدم ونجوم وكواكب وأقمار حركة دائمة متوافقة تحكمها قوى محددة.
وبالتالي فإنه لا يجوز لنا تجاهل مدى الأخطار التي يمكن أن تسفر عنها التدخلات غير الرشيدة للإنسان في النظام البيئي لأن الخلل في نظام بيئي معين يؤثر سلبا في سائر الأنظمة البيئية الأخرى.