التنمية المستدامة لحماية البيئة.. ترشيد وتوطيد العلاقة مع البيئة ومواردها ووضع خطة عمل محددة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار مسألة حماية البيئة



التنمية المستدامة لحماية البيئة:

إن دعوة الإسلام إلى حماية البيئة من التلوث لا تنطلق من المصلحة الذاتية الآنية، وإنما تنطلق من رؤية بعيدة المدى تهدف إلى الإصلاح وعدم الفساد، وحرص الإسلام على نظافة البيئة وحماية مواردها الطبيعية من التلوث والاستنزاف يقوم على مبدأ الوعي الاجتماعي.

التوازن الطبيعي والتوازن الاجتماعي:

وكما أنه يوجد توازن طبيعي، يوجد أيضاً توازن اجتماعي، والتوازن الاجتماعي أو توازن البيئة الاجتماعية يتحقق من خلال الصراع بين الخير والشر، بين الحق والباطل، فالتوازن ليس توازنا جامداً وإنما هو توازن متحرك يقوم على الصراع والتناقض والتنافس بين القوى المختلفة.

ولأن الأشجار والنباتات تؤدي عملا مهما في تنقية الهواء من الغبار، وتمتص كميات كبيرة من الملوثات والغازات السامة، وكذلك الأمطار تؤدي وظيفة وقائية للبيئة، إلى جانب دورها الرئيس في إحياء الأرض ونمو النبات والكائنات الحية الأخرى.

الأمطار وتنظيف الغلاف الجوي:

فهذه الأمطار تساعد في تنظيف الغلاف الجوي من الملوثات التي تسقط معها، ولكن في حال زيادة درجة التلوث فإن هذه العمليات الطبيعية التي تقوم بها الأمطار أو النباتات والأشجار تصبح عاجزة عن تنقية الغلاف الجوي من الملوثات، وهذا يعني أن التلوث تجاوز قدرة الطبيعة على احتوائه والتخلص منه.

وكما هو حال الأشجار والأمطار فإن العديد من الحشرات والطيور والقوارض والحيوانات تساهم بشكل أو بآخر في حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها وتوازنها.

التلوث ومعاكسة قوانين الطبيعة:

مما سبق يتبين لنا أن التلوث الذي يشكل خطورة حقيقية للإنسان، ويسبب له القلق والإزعاج، ويدفعه إلى البحث عن أسبابه ومحاولة التوصل إلى إيجاد السبل الكفيلة بالوقاية منه وعلاجه، وإيجاد الحلول المناسبة له، هو التلوث الذي يتجاوز القدرة الاستيعابية للبيئة وهو في أغلب الأحيان من صنع الإنسان، وهو مخالفة لسنن الله في الكون، وينجم عن سلوك بشري يتعارض مع قوانين الطبيعة التي خلقها الله.

إن الفضلات والمخلفات التي تنشأ من الاستعمالات البشرية المختلفة المنزلية والصناعية والزراعية وغيرها لا بد من إزالتها والتخلص منها بطرق صحيحة لأن في ذلك حماية البيئة من الفساد والتخريب، وحماية للإنسان من الأمراض والأضرار.

ولكن عمليات التخلص من هذه النفايات والفضلات يجب أن تتم بطريقة تمنع إحداث ضرر مماثل لها وربما أكبر منه لأن القاعدة الفقهية في ذلك تقول: الضرر لا يزال بمثله أو بضرر أكبر منه.
وهذا ينطبق على جميع الملوثات الغازية والكيميائية والإشعاعية وكذلك الضجيج والمسكرات والمخدرات وغيرها من المواد الضارة بالصحة البشرية وبالبيئة المحيطة بالإنسان.

علاج المشكلات البيئية:

إن العلاج الرئيسي للمشكلات البيئية يكمن في ترشيد وتوطيد العلاقة مع البيئة ومواردها، وفي وضع خطة عمل محددة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار مسألة حماية البيئة، لأن التصور المادي القاصر هو سبب البلاء، والتقدم التقني لا يجوز أن يتم على حساب الإنسان وصحته وسعادته وبقائه، كما أنه لا يجوز أن نضحي بمستقبل الأجيال القادمة من أجل تحقيق منفعة مادية واقتصادية مشكوك في نتائجها للأجيال الحالية.

حماية البيئة من وجهة نظر دينية:

إن التذكير بالمبادئ الدينية الداعية إلى حماية البيئة وعناصرها، يعتبر هذه الأيام أمرا ضروريا،  ويستطيع رجال الدين الإسلامي والمسيحي وغيرهم إيضاح المبادئ التي تدعو إلى حماية البيئة والانتفاع بخيراتها التي وهبها الله، بالشكل الصحيح والسليم، وإظهار أهمية النظافة التي تعد دليلاً من دلائل الإيمان، سواء أكانت نظافة الجسد والملبس والمسكن والشارع والحي والمدينة، وكذلك نظافة الماء والتربة والهواء وهذه الأمور لا تتحقق إلا بالتعاون والإيمان وتوفر النظافة المادية والروحية.

إن حماية البيئة والمحافظة عليها، واجب ديني واجتماعي ووطني وإنساني، وهو واجب فردي، وواجب جماعي، وواجب على ولاة الأمور، وعلى المؤسسات والإدارات الصغيرة منها والكبيرة، لكي يقوم كل منهم بواجبه تجاه البيئة المحيطة به والمساهمة في حمايتها.