الجغرافيا في العصور الحديثة.. علم شمولي تركيبي تحليلي، تمزج بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية وتهتم بالإنسان في المقام الأول وتربط بين الظاهرات الطبيعية والظاهرات البشرية



الجغرافيا في العصور الحديثة:

تمتد مرحلة العصور الحديثة من سنة 1453 م وحتى الوقت الحاضر، فقد انكفأت الجغرافيا وتراجعت كغيرها من العلوم عند العرب ولا تزال كذلك، لأسباب مختلفة ذاتية وموضوعية، وللأسف لم يتم تجاوزها حتى الآن، بينما تقدمت مختلف العلوم في الغرب بما فيها الجغرافية، وبرز أعلام كثر من الجغرافيين والموسوعيين منهم كوبرنيكوس، وغاليلو، ونيوتن، ثم لاحقاً هتنر وراتزل ولابلاش وغيرهم.

المدارس الجغرافية الحتمية والإمكانية والسببية:

وفي هذه المرحلة ظهرت المدارس الجغرافية الحتمية والإمكانية، وأصبحت الجغرافيا علما له أصوله وقواعده، وأسهم البحث الأكاديمي الجغرافي في التوصل إلى نظريات وقوانين جديدة وإلى الابتعاد عن المنهج الوصفي.

وكذلك ظهرت وتطورت الجغرافية السببية التي تبحث في أسباب الظاهرات وتأثيرها على العلاقات المتبادلة بين الظاهرات الطبيعية المختلفة والظاهرات البشرية أيضاً.
وعلم الجغرافيا باعتبارها وصفاً للأرض ومظاهرها، أو للكون وظواهره على أساس الملاحظة يعد من أقدم العلوم جميعاً، والجغرافيا قديمة قدم الإنسان.

تقدم العلوم وتطور البشرية:

وما يهم هنا التركيز على التعريفات والأفكار والملاحظات التي تظهر حقيقة الجغرافية وجوهرها بوصفها علماً له مكانته بين العلوم، وإظهار قدرة هذا العلم على المشاركة إلى جانب العلوم الأخرى، في حل المشكلات العالمية بما في ذلك المشكلات البيئية، وبناء لبنة متينة في تقدم العلوم وتطور البشرية.

فهذا كارل ريتر في القرن التاسع عشر يصف الجغرافيا بقوله: إن كلمة جغرافية بمعنى وصف الأرض إنما هي خاطئة ومضللة، وعندي أن كلمة الجغرافيا تعني كثيراً من العوامل والعناصر التي تؤلف علم الجغرافيا حقيقة بحيث لا أقل من أن يعنى هذا العلم بتوجيه نظرة كونية شاملة للأرض.

دراسة الكرة الأرضية:

كما يقوم أيضاً بتنظيم كافة معلوماتنا عن الكرة الأرضية بحيث يجعل من ذلك كله صورة رائعة، وعلى هذا الأساس فإن الجغرافيا تعد فرعاً من العلوم مختصاً بدراسة الكرة الأرضية كلاً موحداً من حيث كافة مظاهرها وظواهرها مع بيان العلاقة بين هذا الكل الموحد والإنسان.
وبناءً على ذلك تكون القاعدة الأساسية للجغرافية هي دراسة العلاقة بين كافة المظاهر الطبيعية والجنس البشري.

والفكرة الرئيسية في الجغرافيا أنها علم شمولي تركيبي تحليلي، تمزج بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية وتهتم بالإنسان في المقام الأول. ويرى البعض أن الجغرافيا تشكل صلة الوصل بين الظاهرات الطبيعية والظاهرات البشرية.