تعريف الأدب.. أداة ناقلة للقيم الثقافية يعكس القوانين والأعراف الثقافية التى تنظم الأساليب التى يتم بها إدراك الكون وتقوم عليها ممارسة الحياة



تعريف الأدب:

ربما يكون الأدب خطاباً لا براجماتى Non-pragmatic discourse كما يقول "تيرى إيجلتون Terry Eagelton" ولكن ثمة تعريفاً وظيفياً قدمه إيجلتون عندما قال "إن الأدب هو عدد من السبل أو الوسائل التى يتواصل بها الناس بعضهم ببعض من خلال الكتابة وهذه السبل والوسائل تبدو من خلال الصراع بين الموضوع والشكل بين أو عبر النصوص الأدبية"، فالأدب موضوعى أو ينبغى أن يكون كذلك.

أداة ناقلة للقيم الثقافية:

وهناك بعد آخر فى تعريف الأدب يحظى بموافقة الأطراف جميعاً فلا يختلف عليه اثنان هو أن الأدب "أداة ناقلة للقيم الثقافية"، بل إن كلمة "الشعر" نفسها عند "تيرى إيجلتون" لم تعد تشير ببساطة إلى ضرب تقنى من ضروب الكتابة، إذ إن لها مضامين ثقافية واجتماعية وسياسية وفلسفية عميقة إلى الحد الذى يمكن أن تكون أيديولوجيا كاملة أى أنها مجموعة من المفاهيم فى الحياة والثقافة، تمتلك القدرة على تغيير المجتمع باسم تلك المفاهيم والطاقات التى تجسدها، بل أن تلك هى مهمتها الحقيقية.

القوة النصية:

وليس من الغريب – والأمر كذلك – أن يكون فهم نص أدبى فهماً جيداً ودراسته دراسة عميقة إنما يعنى فهم ودراسة نص ثقافى أيضاً – كما رأى سكولز R. Scholes – فى كتابه "القوة النصية" Textual power، وذلك ما يؤدى إلى القول إن قراءة عمل أدبى قراءة فاحصة ودراسته دراسة واعية لابد أن يقود بالضرورة إلى فهم أكثر شمولاً ومعرفة أكثر وعياً بالثقافة التى أنتجت هذا العمل الأدبي، كما أن اكتشاف ثقافة ما اكتشافاً فاحصاً ودراستها دراسة واعية لابد أن يقود بالضرورة إلى فهم أشمل ومعرفة أدق بالأعمال الأدبية التى تم إبداعها عبر تلك الثقافة.

ويعنى ذلك أيضاً أن الأدب باعتباره شكلاً من أشكال التصوير ولوناً من ألوان التمثيل، إنما يعكس القوانين والأعراف الثقافية التى تنظم الأساليب التى يتم بها إدراك الكون وتقوم عليها ممارسة الحياة.

نقل القيم فى العالم الصناعي الحديث:

وخلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين أعلن ليفز Leaves أن الأدب هو الوسيلة الوحيدة والفعالة لنقل القيم فى العالم الصناعي الحديث الذى تتحلل فيه المؤسسات الاجتماعية وتتحول وتتبدل بشكل دائم حتى وصلت تلك المؤسسات إلى حالتها المزرية من التردى والفساد.

وقد اقتبس "ايجلتون" من جورج جوردان أستاذ الأدب الإنجليزى في "أكسفورد" قوله: "إن انجلترا مريضة وأن على الأدب الإنجليزى English literature أن يتولى إنقاذها وعلاجها حيث فشلت الكنائس، وأخفقت المعالجات الاجتماعية بسبب بطئها"، ومن ثم فقد أصبح للأدب مهمة ثلاثية ليس فقط أن يمتعنا، وأن يرشدنا ولكنه قبل ذلك ينبغى أن ينقذ أرواحنا ويعالج أسقام دولتنا.

سلطة التغيير والإصلاح الاجتماعي:

لقد قدم "جوردون" الأدب بصراحة لافتة باعتباره موصلاً أميناً وجيداً للقيم والأعراف ذا أثر فعال على الثقافة حين يكون ذلك الأدب "قومياً" أي أنه أدب "أمة" يعين على التطور الثقافى والاجتماعى والسياسى أيضاً، ولم يكن "جوردون" الوحيد الذى كان يؤمن بقدرة الأدب على نقل القيم الثقافية والحفاظ عليها فقد شاركه فى ذلك "ماثيو أرنولد" الذى كان يرى أن الشعر من أكثر الأنواع الأدبية التى توثق الظروف السوسيوتاريخية وتثرى العقل وتؤدي دوراً سياسياً وأخلاقياً في المجتمع كما يوفر الشعر أرضية خصبة للنقد الاجتماعي القادر على ممارسة سلطة التغيير والإصلاح الاجتماعي.


ليست هناك تعليقات