الغاية من التكوين في المدارس العليا ومنتظراته.. إعطاء الأهمية في التكوين للمضامين المعرفية وللأساليب البيداغوجية والديداكتيكية ومسايرة التغيرات الحاصلة على المستوى المؤسساتي



يقتضي تكوين المدرسين وجود ثلاث خصائص مميزة على الأقل، سيكون لها تأثيرها على مسارهم المهني وعلاقاتهم الاجتماعية وهي الاستعداد والكفاءة والمسؤولية.

فأن يكون الشخص مستعدا، معناه أن يمتلك قدرات تسمح له بالتكيف مع أكبر عدد من الوضعيات الجديدة، وهو ما يمكنه من مسايرة التغيرات الحاصلة على المستوى المؤسساتي، أي التكيف مع ما تم الإقرار بصلاحيته داخل ما هو جديد.

ويقتضي التكوين على الاستعداد، تكوينا على الكفاءة، لأن الاستعداد للتكيف مع المنتظرات والمستجدات يتطلب كفاءة فعلية في مجال التخصص وفي المجال المهني.

ومن هنا ضرورة إعطاء الأهمية في التكوين للمضامين المعرفية وللأساليب البيداغوجية والديداكتيكية، أي للمعرفة من جهة ولمعرفة التبليغ  savoir/transmettre وللإتقان savoir-faire من جهة أخرى.
 
ويستدعي الاستعداد والكفاءة تكوينا على المسؤولية، لأن الأمر يتعلق بالدور الموكول للفرد في محيطه التربوي والذي لا ينفصل عن مسؤوليته الاجتماعية كفاعل في الفضاء العمومي.

وبالتالي، فإن المدرس الحقيقي هو الذي يكون واعيا بأبعاد مهمته وبدوره الاجتماعي وبالوسائل التي يتعين استخدامها من أجل القـيام بهذه المهمة وهذا الدور.

وبذلك يكون مهيأ لإصدار الأحكام النقدية على محيطه وعلى ذاته.
إن هذه المقتضيات تحيلنا على خاصية أخرى، وهي الاستقلالية التي تعتبر شرطا لكل ممارسة نقدية.

وإذا ما اقتصرنا على الجانب الفكري والثقافي فقط، فإننا سنجد بأن الأمر يتعلق بالقدرة على التكوين الذاتي وعلى المبادرة والفعالية واتخاذ القرار من طرف المتعلم.

وهو ما يسمح له بالنظر إلى ثقافة المحيط التربوي والاجتماعي وإلى المواقف والسلوكات المتخذة داخل هذا المحيط، بعين ناقدة وبأذن صاغية لمتطلبات الحاضر ومنتظرات المستقبل.

إن استقلالية المدرس هي بمثابة حرية، يمكن لهذا الأخير بمقتضاها أن يمارس مواطنته وأن يتصدى لمنطق التقليد والقطيع. لأن تكوين المواطن كما هو معلوم، يعني تكوين عقول حرة ويقظة وواعية ومسؤولة أخلاقيا.