المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين: بين الصلاحيات الواسعة وتطلعات أولياء الأمور
يُشكّل المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين هيئة حيوية ومفصلية في هيكلة النظام التعليمي بالمغرب، فهو يمتلك صلاحيات واسعة وذات ارتباط عضوي ومباشر بـهواجس أولياء الأمور ومواقفهم تجاه المدرسة. هذه الصلاحيات تمنحه القدرة على التأثير العميق في جودة التعليم والبيئة المدرسية، مما يجعله محط أنظار واهتمام الآباء الذين يتطلعون إلى دور أكبر وأكثر فاعلية فيه.
الصلاحيات المحورية للمجلس الإداري ودورها في المنظومة التعليمية
يتمتع المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية بمجموعة من الصلاحيات الإستراتيجية والتشغيلية التي تلامس جوهر العملية التعليمية وتُحدّد مسارها على المستوى الجهوي. من أبرز هذه الصلاحيات:
- البرنامج التوقعي للبناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى لمؤسسات التربية والتكوين: هذه الصلاحية تُعنى بالجانب المادي والبنية التحتية للمؤسسات التعليمية. يقرر المجلس خطط إنشاء مدارس جديدة، وتوسيع الفصول القائمة، وإجراء الإصلاحات الكبرى الضرورية لضمان توفير بيئة تعليمية آمنة ومحفزة. هذا يرتبط مباشرة بهواجس الآباء حول جودة الفضاء المدرسي، ومدى قدرته على استيعاب التلاميذ، وتوفر المرافق الأساسية التي تُسهم في راحة أبنائهم وسلامتهم.
- سير مؤسسات التربية والتكوين: يمتد دور المجلس ليشمل الإشراف على سير العمل اليومي والفعالية التعليمية والإدارية داخل المؤسسات. يتضمن ذلك وضع القواعد المنظمة، ومراقبة الالتزام بالبرامج الدراسية، والتأكد من تطبيق المعايير التربوية. هذه الصلاحية تلامس مباشرة جودة التدريس، والانضباط المدرسي، وكفاءة الإدارة، وهي أمور تهم الآباء بشكل كبير وتُؤثر على مسار أبنائهم التعليمي.
- وضع حصيلة الإنجازات ومراقبة مدى تنفيذ القرارات المتخذة وحصر القوائم التركيبية للسنة المالية المختتمة: يقوم المجلس بمراجعة الأداء وتقييم مدى تحقيق الأهداف. هذا يتضمن تحليل تقارير الإنجاز، والتأكد من أن القرارات السابقة قد تم تطبيقها بفعالية، ومراجعة الجوانب المالية للأكاديمية. هذه الشفافية والمساءلة مهمة لأولياء الأمور لضمان أن الموارد تُستخدم بكفاءة وأن الأهداف التعليمية تُنجز بالفعل.
- تحديد البرنامج التوقعي وحصر ميزانية السنة الموالية: يمتلك المجلس صلاحية التخطيط المستقبلي وتوزيع الموارد المالية للأكاديمية. هذا يحدد الأولويات التعليمية للجهة، والمشاريع المزمع تنفيذها، والاعتمادات المالية المخصصة لكل جانب. هنا تكمن فرصة لأولياء الأمور للتأثير في توجيه الموارد نحو ما يخدم مصلحة أبنائهم التعليمية بشكل أفضل، مثل توفير التجهيزات، أو دعم الأنشطة اللامنهجية، أو تحسين جودة الموارد البشرية.
تطلعات أولياء الأمور: من التمثيل الشكلي إلى المشاركة الفعلية
بالنظر إلى هذه الصلاحيات الواسعة والحيوية للمجلس الإداري، يتطلع أولياء الأمور إلى أن تكون لهم تمثيلية فعلية وذات تأثير حقيقي داخل هذا المجلس، وليس مجرد تمثيلية شكلية لا تُقدم ولا تُؤخر. يُعبر الآباء عن استيائهم من الوضع الحالي حيث لا تتجاوز تمثيليتهم في المجلس سوى ثلاثة أفراد فقط، وهي نسبة تقل عن 6% من إجمالي أعضاء المجلس. هذه النسبة الضئيلة تُفقد أولياء الأمور القدرة على التأثير الحقيقي في اتخاذ القرارات، وتجعل صوتهم شبه غائب.
يتساءل الآباء أيضاً عن جدوى ودور كثير من المصالح والجهات الممثلة في المجلس والتي ليس لها علاقة مباشرة ويومية بالمدرسة أو بالعملية التعليمية في فصولها. ففي حين تُعطى هذه المصالح وزناً كبيراً، يرى الآباء أن الجهات الأكثر قرباً من التلميذ والمدرسة (كأولياء الأمور) تُهمّش، مما يُفقد المجلس جزءاً من فعاليته في تلبية احتياجات الفاعلين الأساسيين في الحقل التربوي.
المساهمة المادية والمعنوية: دفاع عن مصالح التلميذ
إن سعي أولياء الأمور لتعزيز تمثيليتهم ليس مجرد مطلب شكلي أو رغبة في الظهور، بل هو نابع من إيمانهم الراسخ بضرورة المساهمة المادية والمعنوية في تسيير وتدبير الشؤون اليومية للمدرسة. يرى كثير من الآباء أن هذه المساهمة لا تُعدّ تدخلاً، بل هي جزء لا يتجزأ من الدفاع عن المصالح المعنوية والمادية للتلميذ.
- المساهمة المعنوية: تتمثل في نقل هواجسهم وملاحظاتهم واقتراحاتهم المستمدة من احتكاكهم اليومي بأبنائهم وبالواقع المدرسي. هم الأكثر دراية بالتحديات التي يواجهها أبناؤهم في الفصول الدراسية، أو في البيئة المدرسية، أو في سلوكيات المعلمين والإدارة. مشاركتهم تضمن أن القرارات تُتخذ بناءً على فهم أعمق للواقع الميداني.
- المساهمة المادية: قد تتجاوز المشاركة المعنوية لتشمل المساهمة في تحديد أولويات الإنفاق، أو دعم المشاريع التي تخدم التلاميذ بشكل مباشر، أو حتى حشد الدعم المجتمعي للمدرسة.
في جوهر الأمر، يرى أولياء الأمور أن تمثيلهم الفعال في المجلس الإداري هو آلية ضرورية لضمان أن تبقى القرارات المتخذة مركزة على مصلحة التلميذ الفضلى، وأن يتم الاستجابة بجدية لمخاوفهم وطموحاتهم المتعلقة بمستقبل أبنائهم التعليمي. هذا سيُعزز الشراكة الحقيقية بين البيت والمدرسة، ويُسهم في بناء منظومة تعليمية أكثر كفاءة وشفافية.