التقاء القبائل في الأشهر الحرم والأسواق والمواسم.. صلح بكر وشيبان في سوق ذي المجاز وصلح العبسيين والذبيانيين في سوق عكاظ



كانت الأشهر الحرم هدنة مقدسة، وهذه الأشهر، هي: ذو العقدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، فلم يكن فيها قتال، وسمّيت الحروب التي انتهكت حرمتها بالفِجار.

فإذا كان الشهر الحرام وضع الناس سلاحهم، وقصدوا مكة لأداء شعائر الحج، والطواف بالكعبة، واختلفوا إلى أسواق الحجاز التي تقام إبان هذه الأشهر، ليمتاروا، ويبتاعوا، فتلتقي جموعهم في هذه المواسم والأسواق.

وقد كان اللقاء الكبير في سوق عُكاظ، وذي المجاز، والمجنّة صورة من صور النزوع نحو التّوحد، وتعد هذه الأسواق رموزا خالدة لهذا اللقاء الاقتصادي، والسياسي، واللغوي، والثقافي الأصيل. ووصف أحد شعراء بني أسد موسماً لعكاظ حضره من قريش وأحلافها تسعون ألفاً فقال:
يا قوم قد وافى عكاظ الموسم تسعون ألفاً كلّهم ملأم

يصور لنا أبو ذؤيب الهذلي هذه الألوف، وما تبني من القباب، وكيف يتواعد الناس، فيلتقون:
إذا بُنيَ القِبابُ علـى عُكـاظٍ وقامَ البَيْعُ واجْتمع الألوفُ
تواعدُنـا  عكــاظَ لننزلَنْـه ولم تعلمْ إذا  أنـي خَليفُ
فسوفَ تقولُ إنْ هي لم تجدْني أخانَ العهدَ أمْ أثمَ الحليفُ

وقد أبرز الشعر الجاهلي أهمية هذه الأسواق، ويكفي أن نذكر أن أكبر حربين أهليتين، هما: البسوس، وداحس والغبراء جرى صلحها في المواسم. فقد اصطلح بكر وشيبان في سوق ذي المجاز، وأخذوا على أنفسهم العهود والمواثيق، فقال الحارث بن حلزّة:
واذكروا حلفَ ذي المجازوما -- قدم فيـه العهـودُ والكفـلاءُ
حَذرَ الجوْرِ والتعّدي وهــلْ -- ينقض ما في المهارقِ الأهواءُ

واصلح العبسيون والذبيانيون في سوق عكاظ، فهدأت حرب داحس والغبراء، فقال زهير بن أبي سلمى:  
فمن مبلغ الأحلاف عنى رسالة وذبيانَ هل أقسمتمُ كل مَقْسمِ
فلا تكتمـن اللهَ ما في  نفوسكم ليخفى ومهما يكتم الله يُـعلمِ


0 تعليقات:

إرسال تعليق